يشكل سؤال كيفية تقريب التمويلات الدولية من المجالات الترابية التي تواجه يوميا تداعيات الاضطراب المناخي أحد أبرز الرهانات التي نوقشت خلال مؤتمر الأطراف كوب30 بمدينة بيليم، حيث قدمت فعالية جانبية حول "ولوج جهات المغرب إلى التمويل المناخي" مقاربة مغربية ترتكز على إضفاء الطابع الترابي وتعزيز القدرات والتشبيك، في سياق سعي حثيث لإيجاد حلول عملية ومستدامة.
وجمع اللقاء، الذي نظمته المديرية العامة للجماعات الترابية، عددا من الفاعلين لدراسة الشروط اللازمة لضمان ولوج مباشر إلى تمويلات التخفيف والتكييف والقدرة على الصمود، في وقت لا تتجاوز فيه نسبة التمويلات المناخية الدولية التي تصل إلى المستويات المحلية 10 في المئة، بينما تركز المدن حوالي 70 في المئة من الانبعاثات العالمية.
وقد عبأ المغرب جزءا مهما من ميزانيته الوطنية لدعم الاستثمارات المدرجة في مساهمته المحددة وطنيا، التي تتجاوز تكلفتها 80 مليار دولار، غير أن هذا الغلاف لا يغطي جميع البرامج المقررة، ما يجعل عددا من الإجراءات رهينا بتمويلات خارجية.
وفي تحليله لرهانات التمويل المناخي، أكد عبد اللطيف معزوز، رئيس جهة الدار البيضاء سطات، أن المجالات الترابية ما تزال غير مدمجة بما يكفي كحامل مباشر في البرامج الدولية، رغم أنها الفضاء الأقرب إلى المواطنين والمرافق العمومية والبنى التحتية الأساسية.
وأبرز مبادرات ملموسة اتخذتها الجهة لولوج التمويل المناخي، من بينها الحصول على 100 مليون دولار من الشركة المالية الدولية في عام 2020، و100 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية برسم 2026، إضافة إلى 100 مليون يورو عبر قرض سندي اكتتب فيه جزئيا البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والشركة المالية الدولية.
ولتعزيز قدرة الأقاليم على الولوج إلى التمويل المناخي، اقترح إنشاء نافذة موحدة افتراضية مخصصة، وتقوية معرفة الجماعات المغربية بالآليات المتاحة، وتسريع تنفيذ برنامج العمل المناخي للجماعات الترابية بالمغرب 2025-2028 بشراكة مع الميثاق العالمي لرؤساء البلديات، وإدماج التخطيط الإقليمي ضمن الاستراتيجية الوطنية للكربون المنخفض.
أما آصف نواز شاه، من الميثاق العالمي لرؤساء البلديات، فاعتبر أن التحدي الحالي يكمن في الإدماج المنهجي للمدن والجهات ضمن منصات التمويل، موضحا أن مبادرة "شامب" تستند إلى أربعة محاور: الحكامة متعددة المستويات، القدرات المحلية، التمويل الأخضر، والتكيف. وذكر أن المغرب من بين ثلاث دول، إلى جانب البرازيل وكينيا، أطلقت مسرع التمويل "شامب" الهادف إلى هيكلة مشاريع حضرية جاهزة للتمويل.
وفي سياق متصل، أشاد بابلو مارياني، مسؤول المناخ في منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، بالريادة الإقليمية والدولية للمغرب، مؤكدا أن المملكة تعد من أوائل الدول التي أبرزت كيف يمكن لهيكل وطني منفتح على الجهات أن يسهم في تعزيز الولوج إلى التمويلات الدولية، بما فيها التمويلات المخصصة للخسائر والأضرار. كما شدد على الدور الحيوي الذي تضطلع به المدن المتوسطة باعتبارها منصات للابتكار الاجتماعي وخط الدفاع الأول في مواجهة التغير المناخي.