الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

محادثات أمريكية روسية في أبوظبي لإحياء خطة سلام في أوكرانيا


أجرى وزير جيش الولايات المتحدة دان دريسكول محادثات يومي الاثنين والثلاثاء مع مسؤولين روس في أبوظبي في إطار تحرك مكثف جديد من إدارة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وفق ما أكده المتحدث باسم دريسكول. وتحاول الولايات المتحدة وأوكرانيا تضييق هوة الخلافات بينهما حول خطة السلام، مع بقاء قضايا أساسية عالقة وتخوف كييف من التعرض لضغط يجبرها على قبول اتفاق بشروط تميل لصالح الكرملين.

وقال الكولونيل جيف تولبرت، المتحدث باسم وزير الجيش، إن الوزير وفريقه كانوا في مناقشات مكثفة مع الوفد الروسي طوال ليل الاثنين ونهار الثلاثاء بهدف التوصل إلى سلام دائم في أوكرانيا، موضحا أن المباحثات تسير بشكل جيد وأن التفاؤل قائم، مع تنسيق دريسكول بشكل وثيق مع البيت الأبيض مع تقدم المحادثات. ولم تتضح طبيعة هذه المناقشات بشكل كامل، كما لم يعرف من يمثل الجانب الروسي. وأشار مسؤول أمريكي إلى أن دريسكول، الذي برز كأحد أبرز الوجوه الدبلوماسية في جهود واشنطن بشأن أوكرانيا، من المتوقع أيضا أن يجتمع بمسؤولين أوكرانيين خلال وجوده في أبوظبي.

وجاءت هذه المحادثات في وقت تعرضت فيه العاصمة الأوكرانية كييف لقصف مكثف بالصواريخ ومئات الطائرات المسيّرة، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل وتعطيل الطاقة والتدفئة، بينما اضطر السكان للجوء إلى الملاجئ مرتدين معاطف الشتاء وأحيانا داخل خيام.

وشهدت السياسة الأمريكية تجاه الحرب تقلبات خلال الأشهر الأخيرة. وكانت قمة عاجلة عقدت بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا خلال غشت قد أثارت مخاوف في كييف وعواصم أوروبية من احتمال قبول واشنطن بعدد من الشروط الروسية، لكنها انتهت لاحقا بمزيد من الضغط الأمريكي على موسكو.

الخطة الأمريكية الأخيرة للسلام، والمكونة من 28 نقطة، والتي ظهرت الأسبوع الماضي، فاجأت دوائر عديدة في واشنطن وكييف وأوروبا، وأثارت مخاوف جديدة من أن الإدارة الأمريكية قد تدفع أوكرانيا نحو توقيع اتفاق يميل بشكل واضح لمصلحة موسكو. وتنص الخطة على مطالبة كييف بالتخلي عن المزيد من الأراضي، والقبول بقيود على قدراتها العسكرية، ومنعها نهائيا من الانضمام إلى الناتو، وهي شروط ترفضها كييف منذ البداية وتعتبرها بمثابة استسلام.

وتزداد الضغوط على الرئيس فولوديمير زيلينسكي في ظل تحقيقات فساد أدت إلى إقالة وزيرين، ومع تحقيق الجيش الروسي تقدما ميدانيا. وقد يجد زيلينسكي صعوبة في إقناع الأوكرانيين بقبول اتفاق يُنظر إليه على أنه تنازل عن مصالحهم الأساسية. وقال الرئيس الأوكراني في خطابه الليلي إن الخطة الأخيرة تتضمن “نقاطا صحيحة” بعد مباحثات أجريت في جنيف نهاية الأسبوع، مضيفا: “القضايا الحساسة والأكثر تعقيدا سأناقشها مع الرئيس ترامب”. وأشار إلى أن إعداد الوثيقة النهائية سيكون مسارا صعبا في ظل استمرار الهجمات الروسية المكثفة التي تجعل فكرة السلام قريبة المنال محل شك لدى كثيرين.

من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن أي خطة سلام معدلة يجب أن تعكس “روح ونص” التفاهم الذي تم التوصل إليه بين بوتين وترامب خلال قمة ألاسكا.

وفي أوروبا، تتواصل المداولات بشأن المبادرة. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن المبادرة الأمريكية "تسير في الاتجاه الصحيح لأنها تسعى إلى السلام"، لكنه شدد في تصريح لإذاعة RTL على أن الخطة تتضمن بنودا "تحتاج إلى مناقشة وتفاوض وتحسين"، مؤكدا: "نريد السلام، لكن لا نريد سلاما يعادل استسلاما". وأضاف أن الأوكرانيين وحدهم هم من يمكنهم تحديد ما إذا كانوا مستعدين لتقديم تنازلات ترابية. وتساءل: "ما طرح على الطاولة قد يكون مقبولا للروس، لكن هل يعني ذلك أنه يجب أن يكون مقبولا للأوكرانيين والأوروبيين؟ الجواب هو لا".

وفي تطور منفصل، أعلنت وزارة الدفاع في رومانيا أن قواتها الجوية سارعت إلى تتبع طائرات مسيرة اخترقت مجالها الجوي قرب الحدود مع أوكرانيا خلال الساعات الأولى من يوم الثلاثاء، مشيرة إلى أن إحداها كانت تتوغل أكثر داخل أراضي الدولة العضو في حلف الناتو. وتجدد هذا الحادث وسط ارتفاع التوتر في الجبهة الشرقية لأوروبا بعد تواتر عمليات اختراق مجالات جوية لعدة دول من جانب مسيّرات يعتقد أنها روسية.