تبحث البرتغال عن المغرب كشريك أساسي لتعزيز أمنها الطاقي، وذلك بعد الدور الحاسم الذي لعبه خلال الانقطاع الكبير للكهرباء الذي شهدته شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث خصص المغرب 38 في المائة من قدرته الإنتاجية لدعم إسبانيا في تجاوز الأزمة. هذه التجربة دفعت لشبونة إلى دراسة إمكانية إنشاء خط مباشر لربط شبكتها الكهربائية بالمغرب، في إطار خطة استثمارية بقيمة 400 مليون يورو تهدف إلى منع انقطاعات مماثلة مستقبلا وتعزيز مرونة شبكتها الوطنية.
وأوضحت وزيرة البيئة البرتغالية ماريا دي غارسيا كارفاليو أن هذه الخطة تتضمن زيادة القدرة التخزينية من 13 ميغاواط إلى 750 ميغاواط عبر اعتماد تقنيات البطاريات، وتحسين إدارة تدفقات الجهد الكهربائي، إضافة إلى رفع عدد المحطات القادرة على إعادة التشغيل الذاتي من اثنتين إلى أربع محطات، وهي ميزة أساسية للتعامل مع حالات الانقطاع الشامل للكهرباء. كما تشمل الخطة تنظيم مزادات لتعاقد خدمات تخزين الطاقة الكهربائية، ما يعزز مرونة الشبكة وقدرتها على مواجهة الأزمات.
وقد أبدى المغرب والبرتغال، عبر اتصالات بين وزيري خارجية البلدين، استعدادهما للمضي قدما في هذا المشروع ضمن شراكة تقوم على مبدأ "رابح-رابح". ويُنظر إلى هذا الربط الكهربائي، إذا ما تحقق، باعتباره خطوة استراتيجية نحو تكامل طاقي أوسع في منطقة الأورو-متوسط، وتعزيز اندماج الأسواق عبر الحدود بما يضمن أمن الإمدادات ويسرع الانتقال الطاقي نحو الطاقات المتجددة.
هذا التوجه يأتي في سياق أوروبي يسعى إلى تنويع مصادر الطاقة وتسريع التحول الأخضر في مواجهة التحديات المناخية، حيث يُنظر إلى المغرب كفاعل موثوق وطموح في مجال الطاقات المتجددة بفضل مشاريعه الهيكلية الكبرى مثل مجمع نور ورززات للطاقة الشمسية ومشاريع مختلفة لطاقة الرياح. الربط المرتقب بين المغرب والبرتغال سيكون بذلك منعطفا في الخريطة الطاقية لشبه الجزيرة الإيبيرية، التي تعتمد تقليديا على الشبكة الإسبانية، ويمهد لمرحلة جديدة من التعاون الأورو-متوسطي في مجال الطاقة النظيفة.