الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

حريق هونغ كونغ يودي بحياة 128 شخصا على الأقل ويعيد الجدل حول سلامة المواد المستعملة في البناء


عبر سكان مجمع وانغ فوك في شمال هونغ كونغ بشكل مستمر منذ العام الماضي عن مخاوفهم المتزايدة بشأن أخطار الحريق الناتجة عن أشغال الصيانة التي كانت تجرى على المباني، لكن السلطات أخبرتهم آنذاك بأن مستوى الخطر "منخفض نسبيا"، وفق ما أكدته إدارة الشغل في توضيح مكتوب لرويترز. غير أن هذا التقييم يتناقض اليوم مع حجم الكارثة التي شهدها المجمع بعدما اندلع فيه أوسع حريق تعرفه هونغ كونغ منذ سبعة عقود، وخلف ما لا يقل عن 128 وفاة.

وكان السكان قد وجهوا في شتنبر 2024 شكايات تتعلق بمواد استخدمت في تغطية السقالات البامبوية، خصوصا الغطاء الأخضر الذي أثار قلقهم بسبب إمكانية اشتعاله. وأفادت إدارة الشغل أنها راجعت حينها شهادات السلامة الخاصة بهذه الأغطية التي وضعت لحجز الحطام، وأبلغت السكان بأن المادة تستوفي معايير الأداء المقاوم للهب، باعتبار أن الإدارة تشارك في مراقبة احترام المعايير التي تحددها إدارة المباني.

لكن شرطة هونغ كونغ صرحت أمس الخميس بأن الواجهات كانت مغطاة بشبكات وأغشية ومواد بلاستيكية يشتبه في عدم مطابقتها لمعايير السلامة من الحرائق. وأعلنت السلطات توقيف ثلاثة أشخاص على صلة بمقاول التجديد "بريستيج كونستركشن"، للاشتباه في تورطهم في القتل غير العمد.

ولا يزال السبب النهائي للحريق غير محسوم، إلا أن سرعة انتشاره كانت لافتة. ووفق فرق الإطفاء، فقد تلقى المركز أول بلاغ في الساعة الثانية وواحد وخمسين دقيقة بعد الظهر. وخلال أقل من خمس دقائق، كانت النيران قد امتدت بسرعة كبيرة إلى سقالات البرج، قبل أن تنتقل إلى داخله ثم إلى الأبراج المجاورة. وفي غضون أربع ساعات فقط، كانت سبعة من الأبراج الثمانية التي يصل ارتفاع كل منها إلى 32 طابقا مشتعلة بالكامل، بينما أعاقت الأدخنة الكثيفة وصول رجال الإطفاء إلى الطوابق العلوية. وجرى إجلاء مئات السكان إلى مراكز إيواء مؤقتة، فيما ظل نحو مئتي شخص في عداد المفقودين حتى مساء الجمعة.

وأثار الحريق أسئلة إضافية حول مواد استخدمت في المجمع، فقد أظهرت صور نشرها أحد السكان العام الماضي مادة بيضاء محترقة قال إنها عازل نوافذ سريع الاشتعال. وأكد خبراء أن هذا النوع من الرغوة يشتعل بسرعة كبيرة وينتج دخانا كثيفا وساما، وأنه يستخدم عادة للحماية من الغبار والزجاج أثناء الأشغال، لكن استعماله قرب النوافذ من دون احتياطات قد يشكل خطرا كبيرا.

بعض السكان رووا أنهم لم يدركوا وجود الحريق بسبب انسداد نوافذهم بتلك المواد، ومنهم من لم ينتبه إلا بعد تلقي اتصال من أقاربه. كما أعرب آخرون عن غضبهم من غياب الرقابة على جودة المواد وطرق تركيبها، متسائلين عمّا إذا كانت القوانين تُطبّق فعلا على الأرض.

وكشفت محاضر اجتماعات بين ممثلي السكان وإدارة المجمع خلال العامين الماضيين عن ملاحظات متكررة تخص معدات الإطفاء داخل المباني، بما في ذلك صناديق المياه، الخراطيم، صفارات الإنذار، وأجهزة الإطفاء المحمولة، إلى جانب شكايات حول اهتراء بعض الخراطيم داخل خزانات الإطفاء. كما أبديت مخاوف بشأن كثرة الألواح الشمسية على الأسطح وإمكانية تعارضها مع اشتراطات السلامة من الحريق، دون أن يتضح ما إذا جرت متابعة هذه المخاوف.

وأقرّت السلطات لاحقا بأن أنظمة الإنذار داخل المجمع لم تكن تعمل بشكل سليم عند اندلاع الحريق. كما واجهت الإدارة انتقادات إضافية بسبب تقارير عن عمال شوهدوا يدخنون بجانب السقالات، وهي ممارسات سبق لسكان أن اشتكوا منها دون أن يتلقوا أي رد من إدارة المجمع.