أكد سفير المغرب في الولايات المتحدة يوسف العمراني أمس الخميس بالرباط أن المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس تجسد رؤية استراتيجية بعيدة المدى، قادرة على تحويل فضاء مجزأ إلى منطقة جيوسياسية منسجمة ومندمجة.
وقال العمراني، الذي تحدث إلى جانب وزير الشؤون الخارجية البرتغالي السابق وعضو أكاديمية المملكة المغربية باولو بورتاس، خلال جلسة نقاش نظمت تحت عنوان "التزام المغرب تجاه الأطلسي" في إطار الدورة الرابعة عشرة للمؤتمر الدولي السنوي "الحوارات الأطلسية" الذي ينظمه مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إن المبادرة الملكية تقيم إطارا مهيكلا قائما على النظام والاستقرار والربط وخلق الفرص.
وأبرز السفير أن الهدف يتمثل في تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاء للتوقع الاستراتيجي والأمن والازدهار المشترك، مذكرا بأن الاستقرار يظل الشرط الأساسي لأي بناء إقليمي متكامل. وشدد على أنه لا يمكن أن يكون هناك نظام أطلسي من دون وحدة ترابية، ولا تنمية مستدامة من دون حكامة واضحة المعالم، لافتا إلى الأهمية المحورية للقرار التاريخي 2797 الصادر عن مجلس الأمن بشأن قضية الصحراء المغربية.
وأشار العمراني إلى أنّ هذا القرار يعد منعطفا استراتيجيا لحوض الأطلسي برمته، إذ يكرس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس وحيد للحل السياسي، ويوفر الوضوح اللازم لإطلاق مشاريع ذات قيمة استراتيجية عالية. وذكر من بين هذه المشاريع الممر الأطلسي الداخلة-الساحل، وميناء الداخلة الأطلسي، والمركب المينائي طنجة المتوسط، وأنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، إضافة إلى الممرات الطاقية المستقبلية الرامية إلى مواكبة الانتقال الأخضر في القارة.
وأوضح السفير أن الاندماج الذي تحمله المبادرة الملكية سيعزز تحويل المنطقة إلى فضاء استراتيجي موحد تلتقي فيه السياسات وتصبح فيه الرؤى طويلة المدى قابلة للتنفيذ. كما شدد على أن هذه الدينامية ترتكز على رؤية مغربية دامجة، قائمة على شراكات متوازنة وقرار إفريقي مسؤول وأطر إقليمية تمنح القارة القدرة على إيصال صوتها.
وسلط العمراني الضوء على الدور الجوهري للابتكار في مواجهة الأوبئة والصدمات المناخية وهشاشة سلاسل القيمة العالمية، مبرزا دور الابتكار الطاقي وابتكار الأمن الغذائي والابتكار المرتبط بالأمن والاستقرار. وأكد أن الهدف الأسمى هو تمكين إفريقيا من أن تصبح فاعلا قائما بذاته في التوازن العالمي، عبر فضاء جيوسياسي موحد وهوية استراتيجية راسخة وصوت جماعي مسموع.
وختم موضحا أن إفريقيا الأطلسية ترسخ اليوم حضورها كقوس جيواستراتيجي يدمج الساحل ويربط القارة بأوروبا والأمريكيتين، ضمن شبكة من الاستقرار والطاقة واللوجستيك والتعاون المناخي، مؤكدا أن المبادرة الأطلسية ستحول إفريقيا إلى شريك طاقي استراتيجي وفاعل بحري وأمني صاعد وقطب للربط وريادة في مجال الصمود المناخي.