كشف معهد فريزر الكندي في تقريره السنوي لعام 2024 عن تصدر المغرب لقائمة الدول الإفريقية الأكثر جذبا للاستثمار في قطاع التعدين، في خطوة تعكس المكانة المتنامية للمملكة في خريطة الاستثمار العالمي في الموارد المعدنية. التقرير، الذي يعتمد على آراء مئات المديرين التنفيذيين لشركات التعدين الدولية المشرفة على مشاريع استكشاف تصل قيمتها إلى أكثر من ستة مليارات دولار، صنف المغرب في المرتبة الثامنة عشرة عالميا من بين 82 دولة ومنطقة شملها المسح، متقدما على دول إفريقية تقليدية في هذا المجال مثل بوتسوانا وزامبيا وناميبيا.
ويعتمد تصنيف معهد فريزر على مؤشرين أساسيين: مؤشر إدراك السياسات، الذي يقيم الإطار التشريعي والضريبي، ومدى وضوح القوانين واستقرارها إلى جانب البنية التحتية والبيئة السياسية، ومؤشر الإمكانات المعدنية الذي يقيس جودة ووفرة الموارد الجيولوجية في حال توفر بيئة استثمارية مثالية. وقد احتل المغرب المرتبة الرابعة عشرة عالميا في مؤشر الإمكانات المعدنية، بينما سجل تراجعا طفيفا في مؤشر إدراك السياسات من المركز الثاني عشر في عام 2023 إلى المركز الثامن والعشرين في 2024 بانخفاض قدره حوالي 15 نقطة، إلا أن هذا التراجع لم يؤثر على مكانته الريادية على المستوى الإفريقي.
ويرى محللون أن تصدر المغرب للقارة يعود إلى عدة عوامل أبرزها استقراره السياسي، وتنوع موارده المعدنية التي تشمل الفوسفات والرصاص والزنك والنحاس وغيرها من المعادن الاستراتيجية، إضافة إلى جهوده في تحديث الإطار القانوني لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الشراكات الدولية في قطاع التعدين. كما أن البنية التحتية الداعمة من موانئ وطرق وشبكات كهرباء عززت من قدرة المغرب على استقطاب مشاريع كبرى في الاستكشاف والاستخراج.
ويعتبر التقرير بمثابة شهادة ثقة دولية في قدرة المغرب على توفير بيئة أعمال مواتية لقطاع التعدين، وهو ما يتوافق مع توجهاته الاستراتيجية الرامية إلى تعزيز دوره كمركز إقليمي في الصناعات المعدنية والتكنولوجيات المرتبطة بالطاقة والتحول الأخضر. ويرجح خبراء أن يسهم هذا التصنيف في جذب المزيد من الشركات العالمية الراغبة في الاستثمار في السوق المغربية، خاصة في ظل الطلب المتزايد على المعادن الحيوية المستخدمة في صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة.