وجه رئيس الحكومة عزيز أخنوش مذكرة توجيهية إلى مختلف القطاعات الوزارية حددت أولويات مشروع قانون المالية لسنة 2026، وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية. وتستند هذه الأولويات إلى أربع ركائز أساسية ترسم ملامح مرحلة جديدة في مسار التنمية الوطنية، وهي تعزيز إقلاع المملكة، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمجالية، وتوطيد أسس الدولة الاجتماعية وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى، إلى جانب الحفاظ على توازن المالية العمومية.
وتسعى الحكومة من خلال هذه التوجهات إلى تعبئة مختلف آليات النمو والاستثمار والإصلاح قصد تقوية متانة الاقتصاد الوطني وتحسين تنافسيته. كما يأتي مشروع القانون في سياق يولي فيه الملك محمد السادس اهتماما متزايدا لتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وذلك من خلال تصور تنموي شامل ومتوازن يستجيب للخصوصيات المحلية ويكرس الجهوية المتقدمة ومبدأ التضامن بين الجهات.
وتنخرط المملكة وفق نفس الرؤية في مرحلة جديدة من التحول تقوم على النهوض بالتشغيل، وتوسيع الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، والحفاظ على الموارد المائية، وتأهيل المجالات الترابية في إطار تنمية مندمجة تستند إلى التخطيط المحلي الفعال. وتعتزم الحكومة أن تترجم هذه التوجهات إلى دينامية استثمارية قوية تعزز تموقع المغرب ضمن سلاسل القيمة العالمية، وترسخ صعوده الصناعي عبر تطوير المهن العالمية ذات القيمة المضافة العالية.
في هذا الإطار، يعكف مشروع قانون المالية على تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية من خلال برامج متجددة تستهدف تحسين مؤشرات التنمية البشرية، والنهوض بالتشغيل، وتعزيز عرض السكن والخدمات الاجتماعية، خاصة في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية. كما تضع الحكومة نصب أعينها تحقيق أثر اجتماعي ملموس وفعال من خلال تعميم الدعم المباشر وتوسيع نطاق التغطية الاجتماعية وتعزيز القدرة الشرائية للأسر.
ويتضمن المشروع كذلك تسريع الإصلاحات الهيكلية الكبرى لمواكبة الدينامية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز مكانة المغرب بين الاقتصادات الصاعدة. وتؤكد المذكرة التوجيهية أن الإدارة العمومية ستواصل تطورها في سنة 2026 من خلال تبسيط المساطر الإدارية، وتسريع رقمنة الخدمات، وتقريب الإدارة من المواطن، مما سيسهم في تحسين جاذبية المجالات الترابية وتسهيل ولوج المواطنين إلى المرافق العمومية.
وفي سياق الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية، تلتزم الحكومة بضبط مستوى المديونية وتحفيز نمو اقتصادي مستدام، مع الحفاظ على استقرار القدرة الشرائية. وتشير التوقعات الحكومية إلى تحقيق معدل نمو يناهز 4.5% في سنة 2026، مع تقليص عجز الميزانية إلى حدود 3% من الناتج الداخلي الخام، وتحديد نسبة المديونية عند مستوى 65.8% من الناتج الداخلي الخام في أفق السنة نفسها.