الخميس، 21 أغسطس 2025

رسالة مسربة تكشف تناقض حكومة جنوب إفريقيا بشأن زيارة زوما للمغرب


كشفت رسالة رسمية صادرة عن السفارة الجنوب إفريقية في الرباط عن تنسيق مسبق لزيارة الرئيس السابق جاكوب زوما إلى المغرب، وهو ما يتناقض مع التصريحات السابقة للحكومة وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) التي نفت أي علاقة رسمية بالزيارة وأدانت استخدام رموز الدولة خلالها.

الرسالة، المؤرخة في 11 يوليوز 2025 والموجهة إلى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في المغرب، طلبت تسهيل مهمة وفد يقوده زوما، الذي وصل إلى الرباط في 15 يوليوز 2025، حيث عقد لقاءات شملت مسؤولين رسميين مختلفين. وتضمنت الوثيقة تفاصيل الوصول على متن رحلة الخطوط الجوية الفرنسية القادمة من باريس، والمغادرة بعد ثلاثة أيام، إضافة إلى أسماء عدد من المرافقين والمسؤولين ضمن الوفد وفريق تحضيري سبق وصول زوما.

هذا الكشف جاء على النقيض من موقف وزارة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب إفريقية (DIRCO) وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، اللذين سارعا إلى النأي بأنفسهما عن الزيارة وانتقدا زوما بشدة بسبب عرض العلم الجنوب إفريقي أثناء استقباله الرسمي. ففي 7 غشت 2025، وجهت الوزارة احتجاجا إلى المغرب معتبرة أن زوما لا يحمل أي تفويض رسمي لتمثيل البلاد، بينما شدد الوزير رونالد لامولا على أن العلم ملك للمواطنين ولا يجوز استخدامه لأغراض شخصية أو حزبية، مجددا تمسك بلاده بدعم حق تقرير المصير في الصحراء المغربية.

الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، فيكيلي مبالولا، صعد من لهجته بوصف زوما بأنه "خائن من الطراز الرفيع" بسبب تأييده لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو موقف يتعارض مع سياسة الحزب التاريخية الداعمة لجبهة البوليساريو. واعتبر مبالولا أن الزيارة محاولة يائسة من حزب "أم كيه" الذي يقوده زوما، وخيانة لمبادئ الحزب وتشويه لموقف جنوب إفريقيا أمام العالم.

وحظيت زيارة زوما، التي استمرت من 15 إلى 18 يوليو، بمراسم استقبال رسمية في الرباط، حيث أعلن دعمه لسيادة المغرب على الصحراء، في موقف يتقاطع مع جهود الرباط للحصول على دعم أوسع داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، ويعارض بشكل مباشر الموقف الرسمي لحكومته السابقة. وقد أثار ذلك موجة انتقادات من أحزاب المعارضة مثل حزب "المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية" (EFF) بزعامة جوليوس ماليما، ومن منظمات من المجتمع المدني المؤيدة الجنوب إفريقي.

الرسالة المسربة من السفارة، التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فجرت اتهامات بالتناقض داخل الحكومة، إذ أظهرت الوثيقة الأولى دعما لوجستيا واضحا للزيارة، في حين أعقبتها مذكرة أخرى من السفارة تعترض على استخدام الرموز الوطنية وتصف أفعال زوما بأنها غير مصرح بها. هذا التناقض أثار تساؤلات حول دور وزارة العلاقات الدولية، وسط اتهامات بأنها ساعدت على ترتيب الزيارة ثم تراجعت تحت ضغط سياسي.

في المقابل، دافع حزب "أم كيه" عن الزيارة واعتبرها تاريخية، مؤكدا أنها تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية مع المغرب، ومقللا من أهمية انتقادات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وواصفا إياها بالغيرة السياسية. وأعلن المتحدث باسم الحزب أن القيادة ستطلع أعضاءه قريبا على تفاصيل الزيارة، مؤكدا أن الحزب "لا يدين بالولاء أو التفسير لأي جهة مهما كانت".