الخميس، 21 أغسطس 2025

غزة تودع أنس الشريف: شهادة جديدة على استهداف الحقيقة


استشهد الصحفي الفلسطيني أنس الشريف، مراسل وقائد فريق مصوري قناة الجزيرة، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت خيمة كانت تؤوي زملاءه خارج مستشفى الشفاء في مدينة غزة، مساء أمس الأحد.

خلال الشهور الماضية، أزيل قناع الأمان عن واجب التغطية الصحافية رغم المخاطر المتزايدة، وكان الشريف من أبرز الوجوه الإعلامية المتمسكة بمهنيتها، إذ نقل صور التهجير الحقيقي، كونه من مخيم جباليا ولديه تجربة طويلة في مواضع النزاع والجوع والدمار. وقبل ساعات من مقتله، وثّق الاعتداء الإسرائيلي المتصاعد على غزة الشرقية والجنوبية، بقوله عبر منصة X "قصف لا يتوقف… منذ ساعتين والعدوان الإسرائيلي يشتد على مدينة غزة".

في رسالة نُشرت بعد مقتله، كتب الشريف "هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة. إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي... لم أتردد في نقل الحقيقة كما هي، دون تحريف أو تزييف... ولا تنسوا غزة، ولا تنسوني في دعواتكم". تلك الكلمات ليست مجرد وداع، بل شهادة على إخلاصه لمهمته الصحافية، على الرغم من الخطر الذي لاحقه منذ أشهر.

الجيش الإسرائيلي اعترف بالضربة، متهما الشريف بقيادة خلية من "حماس" كانت تخطط لهجمات صاروخية، لكن هذه الادعاءات قوبلت بالرفض من الشبكة الصحافية التي يعمل بها ومن منظمات حماية الصحفيين وكذلك من طرف الأمم المتحدة، التي وصَفت الأدلة بأنها غير موثوقة.

وهكذا فقد أنس الشريف، في لحظة قاتمة، ليس فقط حياته، بل مصدرا من أهم مصادر إيصال الحقيقة من داخل غزة إلى العالم. لقد قتل هو وزملاؤه محمد قرقيه، وإبراهيم زاهر، ومحمد نوفل، ومعاون آخر، ليغيب صوت من صوت الإعلام الحر المعبّر عن معاناة الشعب الفلسطيني في ظل حصار وتدمير مستمرين.