أشاد المرصد المغربي لحماية المستهلك بتدخل عناصر الدرك الملكي بالمركز البيئي للجديدة، بتنسيق مع السلطات المحلية، لحجز 12 كيلوغراما من اللحوم مجهولة المصدر بموسم مولاي عبد الله أمغار، وإتلافها وفقا للمساطر القانونية المعمول بها.
وأكد المرصد في بلاغ أصدره يوم الأحد 9 غشت، أن هذه العملية تندرج ضمن مجهودات محاربة الغش الغذائي وحماية صحة المستهلك، لا سيما في التظاهرات الكبرى التي تشهد إقبالا كثيفا من الزوار، كما هو الحال بالنسبة لموسم مولاي عبد الله، الذي يعد واحدا من أبرز المواعيد السنوية بجهة الجديدة.
دعوة إلى تعزيز الوقاية والتنسيق الميداني
ودعا المرصد المغربي إلى تعزيز العمليات الوقائية، من خلال تكثيف التفتيش على مختلف نقاط البيع، وفرض عقوبات صارمة على المروجين للمواد الغذائية مجهولة المصدر، وتعزيز التنسيق بين المصالح البيطرية والسلطات الأمنية والمحلية، إضافة إلى إطلاق حملات تحسيسية موجهة للمهنيين والمستهلكين حول مخاطر استهلاك لحوم غير مراقبة.
وشدد المرصد على أن مسؤولية حماية المستهلك لا تقتصر على الجهات الرسمية فحسب، بل هي مسؤولية جماعية، تتطلب من المواطنين التحلي باليقظة والتبليغ عن كل التجاوزات التي قد تمس سلامتهم الغذائية.
تهديد خطير للصحة العامة
وأعرب رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك، حسن أيت علي، عن قلقه العميق من استمرار تداول لحوم متعفنة أو فاسدة داخل بعض الأسواق الشعبية أو من خلال قنوات توزيع غير مراقبة.
وأوضح أيت علي، في تصريح لمنصة "إم ديلي "، أن استهلاك هذا النوع من اللحوم يشكل تهديدا مباشرا للصحة العامة، وقد يؤدي إلى حالات تسمم غذائي حاد، والتهابات معوية، وأضرار على الكبد والكليتين، إضافة إلى مخاطر ناتجة عن وجود بكتيريا قد تكون قاتلة، مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية، خاصة للأطفال والمسنين وذوي الأمراض المزمنة.
المرصد يحذر من التساهل ويدعو إلى ردع المخالفين
وحذر المتحدث من التساهل في مراقبة سلسلة اللحوم، من الذبح حتى التوزيع، مطالبا بتشديد الرقابة البيطرية والصحية على المجازر ونقاط البيع، وتطبيق عقوبات صارمة على المتورطين في عرض أو ترويج أي منتوج لحوم غير مطابق لمعايير السلامة.
وفي سياق متصل، سجل المرصد المغربي لحماية المستهلك "بقلق بالغ" تصاعد ظاهرة تسويق اللحوم عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولا سيما "تيك توك" و"فيسبوك"، من قبل بعض الجزارين، الذين يجمعون بين الترويج التجاري بأساليب شعبوية واستدرار العاطفة، وجمع تبرعات مالية لتمكين من لا قدرة لهم من شراء اللحوم، تحت غطاء ما يسمى بـ"الإحسان العمومي"، دون أي صفة قانونية تخول لهم جمع الأموال أو توزيع المساعدات الغذائية.
وفي بلاغ استنكاري، قال المرصد إن هذه الممارسات تنطوي على عدة تجاوزات قانونية وأخلاقية، مشيرا إلى أن المتورطين فيها يعمدون إلى تصوير مقاطع دعائية تستغل مشاعر المستهلك، وتروج لفكرة أن "المغربي لا يعيش إلا على اللحم"، في تغييب تام لمبادئ التنوع الغذائي والاعتدال الصحي، وفي تجاهل صارخ للقوانين المنظمة لكل من الإشهار التجاري وجمع التبرعات العمومية.
خطر غياب الرقابة
وأضاف المرصد أن هذه الحملات الإشهارية لا ترافقها أي وثائق تثبت سلامة اللحوم أو مصدرها البيطري، مما يطرح تساؤلات جادة حول جودة المنتجات المعروضة وسلامتها الصحية.
وشدد رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك على أن هذه المبادرات، وإن كانت تبدو في ظاهرها ذات بعد إنساني، فإنها تفتقر إلى الشفافية في مصادر اللحوم، ولا تحترم الضوابط الصحية ولا المساطر القانونية المنظمة لعمليات البيع أو التوزيع.
وأوضح المتحدث أن انتشار هذه الظاهرة يعود إلى مجموعة من العوامل، أبرزها ارتفاع أسعار اللحوم، وتراجع القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين، وسهولة الوصول إلى الجمهور عبر الإنترنت دون رقابة استباقية.
وأكد حسن أيت علي أن جمع التبرعات أو توزيع اللحوم في إطار الإحسان العمومي يخضع للقانون رقم 18.18 المتعلق بتنظيم عمليات جمع التبرعات وتوزيع المساعدات، والذي يشترط الحصول على ترخيص مسبق واحترام معايير السلامة الغذائية، وأن أي عملية بيع أو توزيع للحوم يجب أن تتم في إطار يحترم قانون حماية المستهلك والقوانين البيطرية والصحية الجاري بها العمل.
توصيات لحماية المستهلك
ودعا المرصد المغربي لحماية المستهلك السلطات المعنية إلى تفعيل المراقبة القانونية على حملات تسويق اللحوم وجمع التبرعات عبر المنصات الاجتماعية، وفتح تحقيقات بشأن مصدر اللحوم المعروضة وجودتها، ومدى احترامها للمعايير الصحية والبيطرية.
وأكد المرصد على ضرورة إلزام الفاعلين بتقديم التراخيص القانونية، قبل الشروع في أي عملية بيع أو توزيع غذائي، مع إطلاق حملات توعية رقمية لمناهضة الخطاب الشعبوي في التسويق، وتشجيع المستهلك على اتخاذ قرارات شرائية واعية ومسؤولة.
وأشار المرصد إلى أن كرامة المواطن المغربي وسلامته الصحية لا ينبغي أن تكون موضوعا للدعاية أو المتاجرة الافتراضية، وأن منصات التواصل الاجتماعي يجب أن تُستخدم في خدمة المصلحة العامة، لا في خرق القوانين واستغلال الفئات الهشة تحت مسميات براقة.