الخميس، 21 أغسطس 2025

كولومبيا تودع ميغيل أوريبي... اغتيال يعيد شبح العنف السياسي إلى الواجهة


فقدت كولومبيا، أمس الإثنين، أحد أبرز وجوهها السياسية، السيناتور المحافظ ميغيل أوريبي، إثر وفاته متأثرا بجراحه، بعد شهرين من تعرضه لمحاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في العاصمة بوغوتا.
 
وأكدت عائلة أوريبي أنه توفي نتيجة مضاعفات إصابته برصاصتين في الرأس والساق، أطلقهما عليه شاب يبلغ من العمر 15 عاما في السابع من يونيو الماضي، في هجوم صادم أعاد إلى الذاكرة عقودا من العنف الدموي الذي عانت منه كولومبيا.
 
و كان أوريبي، حفيد الرئيس الأسبق خوليو سيزار تورباي (1978-1982)، يعد أبرز مرشحي التيار المحافظ في الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو 2026، وواحدا من أشد المعارضين لسياسات الرئيس اليساري الحالي غوستافو بيترو. ورغم تحسن حالته لفترة بعد الهجوم، أعلن أطباؤه يوم السبت 9 غشت تعرضه لنزيف دماغي حاد أدى إلى تدهور مفاجئ في حالته الصحية، انتهى بوفاته.
 
وداع رسمي وشعبي
 
في جنازة رسمية أقيمت في مقر الكونغرس ببوغوتا، ألقت أرملته ماريا كلاوديا تارازونا كلمة وداع قالت فيها إن "تفكيك أسرة أشد أنواع العنف"، في إشارة إلى ألم الفقد والجرح الذي خلفه الاغتيال داخل الأسرة والمجتمع الكولومبي.
 
وسيبقى جثمان أوريبي معروضا أمام العامة حتى يوم الأربعاء، في وقت تواصل فيه السلطات تحقيقاتها بعد توقيف ستة مشتبه بهم، بينهم منفذ الهجوم الذي ألقي القبض عليه فورا من قبل رجال أوريبي.
 
وكانت الشرطة قد أعلنت لاحقا عن توقيف العقل المدبر، إيلدر خوسيه أرتياغا هيرنانديز، المعروف بلقب "إل كوستينيو"، وسط مؤشرات على ارتباط جناح منشق عن حركة "فارك" المسلحة، في عملية الاغتيال.
 
ارتدادات سياسية وأمنية
 
ورأى مراقبون في اغتيال أوريبي دلالة جديدة على هشاشة الوضع الأمني في كولومبيا، إذ يعيد إلى الأذهان سنوات العنف السياسي في الثمانينات والتسعينات، حين اغتيل أربعة مرشحين رئاسيين على يد المافيا أو الجماعات المسلحة، في ظل تصاعد نفوذ المخدرات بقيادة بابلو إسكوبار.
 
وينتمي أوريبي لعائلة عانت من العنف، إذ فقد والدته الصحفية ديانا تورباي عام 1991 خلال محاولة فاشلة لتحريرها من قبضة كارتيل ميديلين، التابع لبارون المخدرات بابلو إسكوبار. وكتب الرئيس غوستافو بيترو، الذي كان أوريبي من منتقديه السياسيين، عبر منصة X: "دورنا كدولة أن نستنكر الجريمة، أيا كانت خلفية الضحية الأيديولوجية، وأمان الكولومبيين مسؤوليتنا جميعا."
 
من جهتها، عبرت نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز عن حزنها قائلة: "اليوم حزين لكولومبيا، والديمقراطية تبنى بالحوار لا بالدم." كما نشر الرئيس الأسبق ألفارو أوريبي و الذي لا تربطه قرابة بميغيل، رسالة وداع كتب فيها: "الشر يدمر كل شيء... لقد قتلوا الأمل. لكن فلتكن مسيرة ميغيل نورا يهدي كولومبيا إلى الطريق الصحيح."
 
وعبر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن تضامن بلاده، مؤكدا: "الولايات المتحدة تقف إلى جانب عائلة ميغيل أوريبي والشعب الكولومبي في هذا المصاب الجلل"، مطالبا الحكومة الكولومبية بإقرار حق أوريبي.
 
مسيرة سياسية حافلة 
 
وبدأ أوريبي مشواره السياسي مبكرا، حيث انتخب عضوا في مجلس بلدية بوغوتا عن عمر 26 عاما، وأصبح لاحقا أصغر من تولى رئاسته، وفي 2019 ترشح لرئاسة بلدية العاصمة دون نجاح، قبل أن يدخل مجلس الشيوخ عام 2022 محققا أعلى عدد من الأصوات في البلاد. وانتمى أوريبي إلى حزب "المركز الديمقراطي" الذي أسسه الرئيس الأسبق ألفارو أوريبي.
 
وكان أوريبي قد أعلن ترشحه للرئاسة في أكتوبر الماضي، في وقت يمنع فيه الدستور الكولومبي الرئيس بيترو من الترشح لولاية جديدة. وانتقد أوريبي مبادرة "السلام الشامل" التي أطلقها بيترو، بهدف إشراك الجماعات المسلحة المتورطة في تجارة المخدرات في الحوار.
 
وترك ميغيل أوريبي وراءه زوجته، وابنه الصغير، وثلاث فتيات مراهقات تبناهن وعاش معهن حياة أسرية .