في خطوة وصفت بـ"النكبة الجديدة"، و التي تعيد إلى الأذهان مشاهد التهجير القسري عام 1948، كشفت مصادر مطلعة عن محادثات سرية تجري بين إسرائيل وجنوب السودان، تهدف إلى التوصل إلى صفقة لإعادة توطين فلسطينيين من قطاع غزة في الدولة الإفريقية المضطربة.
وبحسب ما نقلته ثلاثة مصادر لوكالة رويترز، فإن اللقاءات شملت مسؤولين إسرائيليين ووزير الخارجية الجنوب سوداني، موندي سيميا كومبا، خلال زيارة أجراها الأخير إلى تل أبيب الشهر الماضي.
ووفقا للمصادر الثلاثة، تقضي الخطة، التي لاقت رفضا قاطعا من القيادة الفلسطينية، بنقل سكان من قطاع محاصر وممزق بفعل ما يقارب عامين من الحرب، إلى دولة تعاني بدورها من أزمات سياسية وعرقية ممتدة منذ سنوات.
ورغم نفي وزارة الخارجية في جنوب السودان صحة تلك التقارير، قائلة بأنها "لا أساس لها"، تؤكد روايات المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن المداولات ما تزال مستمرة، وأن الطرح لا يزال مطروحا على الطاولة، في انتظار قرار سياسي من كلا الجانبين، وسط صمت رسمي إسرائيلي.
في المقابل، رفض الفلسطينيون الخطة بشكل قاطع، واعتبروها محاولة واضحة لفرض تهجير جماعي تحت غطاء إنساني، وقال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: "شعبنا يرفض بشكل مطلق أي حديث عن نقل أو إعادة توطين خارج أرضه".
وجاء الرفض الفلسطيني متناغما مع بيانات مكتب الرئيس محمود عباس، الذي اعتبر أن أي خطة من هذا النوع تمثل "تصفية للقضية الفلسطينية تحت غطاء الحرب"، في حين لم تصدر حركة حماس، التي تخوض مواجهة مفتوحة مع إسرائيل في غزة، أي تعليق فوري على التسريبات.
وفيما التزمت إسرائيل الصمت الرسمي، وامتنعت وزارة الخارجية ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن التعليق، تكشف تصريحات سابقة لنتنياهو هذا الشهر عن نوايا واضحة لتوسيع السيطرة العسكرية على قطاع غزة، حيث كرر خلالها دعواته لما أسماه "الخروج الطوعي للفلسطينيين من القطاع".
من جهتها، نفت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية، شارين هاسكل، التي زارت العاصمة الجنوب سودانية جوبا هذا الأسبوع، أن تكون تلك المسألة محور النقاشات، قائلة: "لم تكن المحادثات تدور حول إعادة التوطين، بل انصبت على القضايا الإقليمية، الأزمات الإنسانية، والعلاقات الثنائية".
من جانبه، صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، عند سؤاله عن الخطة وما إذا كانت الولايات المتحدة تدعم هذه الفكرة، قائلا: "نحن لا نعلق على المحادثات الدبلوماسية الخاصة".
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" قد أوردت خبر هذه المناقشات لأول مرة يوم الثلاثاء، نقلا عن ستة أشخاص لديهم معرفة بالموضوع، في حين يواصل نتنياهو الحديث عن مشاورات مع عدة دول لاستقبال فلسطينيي غزة، متجنبا تقديم أي تفاصيل دقيقة، ما يفتح الباب أمام تكهنات متزايدة بشأن طبيعة الخطة وأهدافها.