الخميس، 21 أغسطس 2025

ارتفاع مقلق في عدد إفلاسات المقاولات الصغيرة جدا في المغرب


كشفت دراسة وطنية حديثة أن عدد الشركات الصغيرة جدا التي أعلنت إفلاسها في المغرب شهد ارتفاعا حادا خلال السنوات الثلاث الماضية، منتقلا من 10,500 حالة سنة 2021 إلى أكثر من 33,000 في سنة 2024، مع توقعات بتجاوز 40,000 حالة بحلول نهاية السنة الجارية. هذه المعطيات وردت في تحقيق أجرته الهيئة المغربية للمقاولات الصغيرة جدا (IMPE) على عينة تمثيلية تضم 670 شركة موزعة على مختلف جهات المملكة، وتم تقديم نتائجه خلال ندوة صحفية نظمت يوم الجمعة الماضي بالرباط.

الدراسة أوضحت أن حوالي 48 في المئة من الشركات المستجوبة لم تتجاوز ثلاث سنوات من النشاط، فيما لم تنج سوى 30 في المئة منها بعد مرور خمس سنوات، ما يعكس هشاشة البنية الاقتصادية لهذه المقاولات. ووفق نفس المصدر، فإن من بين أبرز العوامل التي تفسر هذا المعدل المرتفع من الإغلاق، عبء التكاليف الاجتماعية والضريبية، إذ اعتبر 76 في المئة من المستجوبين أن نظام الاشتراكات الاجتماعية غير ملائم لحجم المقاولات الصغيرة، خاصة فيما يتعلق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) والضريبة على الدخل. كما أشار 74 في المئة إلى أن النظام الجبائي المعمول به غير مشجع، بالنظر إلى تعقيد المساطر، وارتفاع العبء الضريبي مقارنة بحجم المعاملات، إضافة إلى غياب آليات تحفيزية مناسبة.

نحو 90 في المئة من أصحاب الشركات الصغيرة جدا اشتكوا من صعوبة الحصول على التمويل بسبب الشروط الصارمة التي تفرضها المؤسسات البنكية، خصوصا ما يتعلق بالضمانات. كما أظهرت الدراسة أن نصف هذه الشركات غير مطلعة على البرامج العمومية المخصصة للدعم، بينما لم تستفد 70 في المئة منها من أي صفقة عمومية، رغم وجود نسب تفضيلية منصوص عليها قانونا.

أما على مستوى الاندماج في التجارة الدولية، فأوضحت الدراسة أن 97 في المئة من هذه المقاولات لم تشارك قط في أي معرض دولي بدعم من جهة رسمية. أما من حيث التكوين، فقد بيّنت النتائج أن 52 في المئة لم تستفد من أي برنامج لتقوية القدرات، ما يؤثر سلبا على تطوير كفاءاتها وقدرتها التنافسية. كما أن 70 في المئة من المقاولات تعاني من تأخر في تسديد المستحقات، خاصة من قبل مؤسسات عمومية أو مقاولات كبرى، ما ينعكس مباشرة على سيولتها المالية. هذا إلى جانب المنافسة غير العادلة التي يفرضها القطاع غير المهيكل، حيث عبّر أكثر من 80 في المئة من المشاركين عن تضررهم من هذا النوع من المنافسة، الذي يهدد استمرارية شركاتهم.

وقد تم تتويج هذه الدراسة بمجموعة من التوصيات التي خرج بها أول منتدى وطني للهيئات المهنية، وتركزت حول ثلاثة محاور رئيسية: التشريع والإدارة، التكوين والمواكبة، ثم التمويل والولوج إلى المعلومات. في ما يخص المحور الأول، أوضح رشيد الورديغي، رئيس الهيئة المغربية للمقاولات الصغيرة جدا، أن المقترحات تشمل تبسيط الإجراءات، تسريع أداء المستحقات، خلق مخاطب وحيد لهذه المقاولات، واعتماد إطار قانوني واضح خاص بها.

أما على مستوى التكوين والمواكبة، فقد تم اقتراح إنشاء مراكز جهوية مخصصة للتكوين والدعم القريب من المقاولات، وتطوير برنامج "پاس-مقاولة صغيرة جدا" الذي يجمع بين التمويل والدعم والتشبيك. وفي المحور الثالث، شدد المشاركون على ضرورة تحفيز البنوك لتكييف عروضها، وتخصيص 30 في المئة من الصفقات العمومية لهذه الفئة من المقاولات، إلى جانب حماية المنتوج الوطني، وخلق منصات رقمية للمعلومات الموجهة.