أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، أن الحكومة ستستحوذ على حصة بنسبة 9.9% في شركة "إنتل" مقابل 8.9 مليار دولار، في صفقة غير مسبوقة تقوم على تحويل المنح الحكومية الموجهة للشركة إلى أسهم ملكية. الخطوة تمثل أحدث تدخل مباشر من البيت الأبيض في كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية، في وقت تواجه "إنتل" أزمة عميقة في قدرتها التنافسية.
الاتفاق يضمن للشركة الحصول على نحو 10 مليارات دولار لتمويل بناء وتوسيع مصانعها داخل الولايات المتحدة، ويمنح الحكومة الأمريكية حق شراء الأسهم بسعر 20.47 دولارا للسهم، أي أقل بنحو أربعة دولارات من سعر الإغلاق في بورصة الجمعة الذي بلغ 24.80 دولارا. الصفقة تشمل 433.3 مليون سهم، وجرى تمويلها عبر 5.7 مليارات دولار من المنح غير المصروفة ضمن قانون "الرقائق" الذي أقر في عهد جو بايدن، إضافة إلى 3.2 مليارات دولار كانت مخصصة لبرنامج "المحفظة الآمنة".
واجتمع ترامب بالرئيس التنفيذي للشركة ليب-بو تان بعد أسابيع من مطالبته بالاستقالة بدعوى تضارب مصالح مرتبطة بعلاقاته مع شركات صينية. وقال ترامب عقب الاجتماع: "دخل وهو يريد الحفاظ على وظيفته وخرج وقدّم لنا عشرة مليارات دولار للولايات المتحدة. لقد حصلنا على عشرة مليارات". وزير التجارة هاوورد لوتنيك اعتبر الصفقة "عادلة لإنتل وعادلة للشعب الأمريكي".
وقفز سهم "إنتل" بنسبة 5.5% خلال جلسة التداول، وأضاف 1% إضافية بعد إعلان الصفقة في الجلسة الممتدة. وتأتي الخطوة في سياق سلسلة من التدخلات الحكومية في شركات كبرى، منها اتفاق مع "إنفيديا" يسمح لها ببيع شرائح H20 إلى الصين مقابل حصول الحكومة على 15% من المبيعات، إضافة إلى امتلاك وزارة الدفاع حصة رئيسية في شركة "MP Materials" لتعزيز إنتاج المعادن النادرة، وحصول الحكومة على "سهم ذهبي" في صفقة استحواذ "Nippon Steel" اليابانية على "U.S. Steel".
ورغم هذه المساعدات، يشكك محللون في قدرة "إنتل" على تجاوز مشاكلها الهيكلية، خصوصا في قطاع التصنيع التعاقدي المعروف بالـFoundry. دانيال مورغان، مدير محفظة في "Synovus Trust"، اعتبر أن ضخ الأموال لا يكفي لتعويض الفجوة التكنولوجية مع "TSMC"، وأن الشركة تحتاج إلى شريك أقوى أو دعم حكومي متواصل لمواصلة بناء مصانعها.
بموجب الصفقة، ستحصل الحكومة على ملكية "سلبية" دون مقعد في مجلس الإدارة، لكنها ملزمة بالتصويت وفق قرارات المجلس باستثناءات محدودة لم يُكشف عنها. كما يتضمن الاتفاق وديعة حقوق شراء (Warrant) لخمس سنوات بسعر 20 دولارا للسهم، ما يتيح للحكومة الاستحواذ على 5% إضافية من أسهم الشركة في حال فقدت السيطرة على نشاطها في مجال التصنيع التعاقدي.
وقد تمنح الصفقة "إنتل" مزيدا من الوقت لإعادة هيكلة نشاطها الخاسر، لكن محللين يشيرون إلى أن الشركة خسرت السباق في سوق الذكاء الاصطناعي لصالح "إنفيديا"، كما فقدت حصصا متزايدة من سوق المعالجات لصالح "AMD". ومنذ تعيين تان رئيسا تنفيذيا في مارس الماضي، وُضع على عاتقه إنقاذ "العملاق الأمريكي" الذي سجل خسارة سنوية قدرها 18.8 مليار دولار عام 2024، في أسوأ نتائجه منذ 1986.