فقد المشهد الإعلامي المغربي، ومعه الساحة الثقافية، واحدا من أبرز أسمائه بعد رحيل الصحفي علي حسن، الذي ارتبط اسمه لعقود ببرنامج "سينما الخميس"، ذلك الموعد الأسبوعي الذي تحول إلى نافذة حقيقية على الفن السابع، وجعل من الشاشة المغربية جسرا للتواصل مع عالم السينما.
انطلق علي حسن في مسيرته الصحفية منذ سنوات الشباب، حيث جمع بين الشغف بالثقافة والالتزام بأخلاقيات المهنة. عمل في عدة منابر إعلامية مكتوبة وسمعية بصرية، قبل أن يجد في التلفزيون فضاء أوسع للتعبير عن اهتماماته الفنية والفكرية.
لكن بصمته الأبرز ستظل مرتبطة ببرنامج "سينما الخميس"، الذي لم يكن مجرد حصة تلفزيونية عابرة، بل كان مدرسة إعلامية أسهمت في تكوين ذائقة أجيال من المغاربة، وربطت المشاهد المحلي بالإنتاجات السينمائية العالمية والوطنية على حد سواء.
وقد شكل البرنامج لحظة أسبوعية منتظرة في بيوت المغاربة، حيث حرص علي حسن على أن يقدم محتوى رصينا يجمع بين عرض الأفلام وتحليلها، وبين استضافة النقاد والمبدعين لفتح نقاشات عميقة حول قضايا الفن السابع.
بفضل هذا البرنامج، اكتشف الجمهور المغربي أعمالا سينمائية لم تكن متاحة بسهولة، كما وجد في أسلوب الراحل مزيجا من الثقافة الواسعة والقدرة على تبسيط الخطاب، ما جعله قريبا من مختلف الشرائح الاجتماعية.
كان علي حسن من الأصوات التي دافعت عن حضور الثقافة في الإعلام العمومي، في وقت كانت البرامج الثقافية تعاني من التهميش. وقد آمن دائما بأن الصحافة ليست فقط لنقل الأخبار السياسية أو الاقتصادية، بل أيضا فضاء لترسيخ الوعي الفني والجمالي.
بفضل جهوده، أصبح برنامج "سينما الخميس" نموذجا يُستشهد به حينما يُطرح سؤال عن كيفية دمج الثقافة في الإعلام، وعن الدور التربوي والفكري الذي يمكن أن تلعبه البرامج التلفزيونية.
وأثار خبر رحيل علي حسن موجة من الحزن في أوساط الإعلاميين والسينمائيين والمثقفين، الذين نعوه بكلمات مؤثرة، مشيدين بمساره المهني وبالفراغ الكبير الذي سيتركه غيابه. واستحضر كثيرون ذكرياتهم مع برنامجه، مؤكدين أن إرثه سيبقى حاضرا في ذاكرة المشاهد المغربي.
إذن فقد رحل علي حسن جسدا، لكن صوته ولقاءاته وصورته أمام شاشة "سينما الخميس" ستظل راسخة في الذاكرة الجماعية. لقد مثّل نموذجا للإعلامي المثقف، الذي لا يكتفي بنقل المعلومة بل يسعى إلى بناء وعي وتشكيل أفق معرفي لدى جمهوره.