يأتي تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حول قضية الصحراء للفترة ما بين يوليوز 2024 ويونيو 2025، ليؤكد مرة أخرى أن ميزان القوة يميل بوضوح لصالح المغرب، بينما تغرق جبهة البوليساريو في أزمات داخلية وإنسانية خانقة، وتجد الجزائر نفسها في موقع المتهم أكثر من "الوسيط".
وأبرز غوتيريش في تقريره كثافة تحركات المبعوث الشخصي نحو الرباط، وتعدد لقاءاته مع المسؤولين المغاربة، في مقابل لقاء يتيم مع قيادة البوليساريو في الرابوني. هذه المفارقة ليست تفصيلا بروتوكوليا، بل إشارة دبلوماسية واضحة: المغرب طرف أساسي وشرعي في المعادلة، بينما البوليساريو مجرد أداة في يد الجزائر.
وحرص الأمين العام أيضا على تسجيل تكرار اللقاءات مع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، وهو ما يترجم عمليا ما يقوله المغرب منذ سنوات: الجزائر طرف مباشر في النزاع، شاءت أم أبت.
لكن الرسالة الأقوى في التقرير تتعلق بالجانب الإنساني. الأرقام الواردة عن سوء التغذية والتقزم في مخيمات تندوف صادمة: 13% سوء تغذية حاد وأكثر من 30% تقزم عند الأطفال. هذه ليست مجرد نسب تقنية، بل صفعة قوية للجزائر والبوليساريو معا. كيف لمن يزعم الدفاع عن "حق الشعوب" أن يعجز عن إطعام أطفاله أو تأمين الحد الأدنى من العيش الكريم لسكان محتجزين فوق تراب جزائري؟
في المقابل، لا يخفي التقرير التقدم الميداني للمغرب غرب الجدار الرملي، حيث الأمن مستتب، فيما تبقى المناطق شرق الجدار مرادفاً للمخاطر والألغام والفوضى. هنا أيضاً الفرق صارخ: المغرب يكرس الاستقرار، بينما البوليساريو ترسخ الفوضى والعجز.
إن تقرير غوتيريش ليس وثيقة تقنية عابرة، بل مرآة لموازين القوة، حيث يعزز المغرب حضوره السياسي والدبلوماسي. في الجانب الآخر، تحاصر الجزائر بملف اللاجئين وبمسؤوليتها الواضحة، فيما تفقد البوليساريو أوراقها تباعا، وتغرق في أزمة إنسانية مكشوفة.
في الأخير، الزمن يسير في اتجاه واحد، ومشروع الانفصال يذوب تحت ضغط الحقائق الميدانية والسياسية والإنسانية