الخميس، 21 أغسطس 2025

جاكوب زوما في الرباط: دعم صريح لمغربية الصحراء واستحضار للتحالف التاريخي


استحضر الرئيس السابق لجنوب إفريقيا وزعيم حزب "أومكونتو وي سيزوي" (MK)، جاكوب زوما، زيارته إلى المغرب كلحظة تعكس تطورا ملموسا في العلاقات بين الرباط وبريتوريا، مشيدا بلقائه التاريخي مع صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2017، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي-الاتحاد الأوروبي في كوت ديفوار، والذي وصفه بأنه نقطة تحول فتحت آفاقا جديدة أمام التعاون الثنائي. وفي تصريح أدلى به عقب مباحثاته مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أعرب زوما عن سعادته بالزيارة التي يقوم بها إلى الرباط، والتي تندرج في سياق استكمال ما تم الاتفاق عليه مع جلالة الملك لإعادة إطلاق العلاقات الثنائية وتجاوز الجمود الذي سادها في وقت سابق.

زوما أكد أن زيارته، بصفته زعيماً لحزب "أومكونتو وي سيزوي"، تأتي لتأكيد الروابط التاريخية التي نشأت بين البلدين إبان فترة النضال ضد نظام الأبارتايد، مذكرا بأن الزعيم نيلسون مانديلا تلقى تكوينا بالمغرب سنة 1962، وتلقى دعما ماليا وعسكريا كانت له انعكاسات بعيدة المدى على حركة التحرير في جنوب إفريقيا. وفي هذا السياق، أبرز الرئيس السابق أن العلاقات المغربية-الجنوب إفريقية تتوفر على إمكانات كبيرة للتنمية المشتركة، مشيرا إلى وثيقة حزبه الصادرة الشهر الماضي بعنوان "شراكة إستراتيجية من أجل الوحدة الإفريقية والتمكين الاقتصادي والوحدة الترابية: المغرب"، والتي تشكل خارطة طريق لتعزيز التعاون الثنائي.

وفي موقف غير مسبوق من زعيم جنوب إفريقي بهذا المستوى، عبر زوما عن دعم حزبه لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، واصفا إياها بأنها "تتيح حكامة محلية ملموسة من قبل ساكنة منطقة الصحراء، مع ضمان سيادة المغرب على الصحراء"، ومضيفا أن المقترح ينسجم مع السياق التاريخي والقانوني لمغربية الصحراء، ويتماشى مع التزام حزبه بحماية وحدة وسيادة الدول الإفريقية. كما أشاد بالدعم الدولي المتزايد الذي يحظى به هذا المقترح، معتبرا أنه يقدم حلا واقعيا ومتوازنا من شأنه أن يعزز الاستقرار والتنمية في المنطقة، داعيا المجتمع الدولي إلى تبنيه كسبيل عملي لتحقيق السلام والازدهار لساكنة الصحراء.

الوثيقة الحزبية التي أشار إليها زوما تعيد التأكيد على أن الصحراء كانت جزءا من المغرب قبل الاستعمار الإسباني، وأن مطالبة المغرب بها تستند إلى روابط البيعة التاريخية التي كانت تربط قبائل الصحراء بالعرش العلوي. كما تبرز الوثيقة المسيرة الخضراء كمبادرة سلمية فريدة أنهت مرحلة الاستعمار، حين دخل أكثر من 350 ألف مغربي بشكل سلمي إلى الصحراء لاسترجاع أراضيهم، في خطوة اعتُبرت نموذجا لتحرير سلمي يحمل دلالات وطنية وسياسية عميقة.

وتندرج زيارة زوما، الذي يرافقه عدد من قياديي حزبه، في إطار دينامية جديدة تعكس تحولات في المواقف السياسية لبعض التيارات الإفريقية التقليدية تجاه قضية الصحراء المغربية، وتؤشر إلى استعداد متزايد لإعادة قراءة النزاع في ضوء المعطيات التاريخية والسياسية، وضمن رؤية تستند إلى شراكة تنموية ووحدة قارية تتجاوز الاصطفافات الإيديولوجية القديمة.