ومُنحت الجائزة التقديرية لأطروحات الدكتوراه للباحث يوسف الريفي عن أطروحته "العمل التشريعي بالمغرب بين الكتلة القانونية وسؤال الجودة"، فيما تقاسمت الجائزة التشجيعية كل من مريم ابليل عن أطروحتها "البرلمان المنفتح"، ومحمد المعروفي عن أطروحته حول "دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية". وفي صنف المؤلفات المنشورة، نال حميد الربيعي الجائزة الأولى عن كتابه "التشريع في مجال حقوق الإنسان"، بينما جاءت الجائزة الثانية من نصيب رابح إيناو عن مؤلفه باللغة الفرنسية حول حماية المهاجرين واللاجئين، أما الجائزة الثالثة فكانت من نصيب كريم نبيه عن كتابه حول صناعة السياسات العمومية في البرلمان المغربي.
الحفل، الذي حضره رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، ونائب رئيس مجلس المستشارين لحسن حداد، ورئيس لجنة التحكيم عبد الإله العبدي، شكل مناسبة لتأكيد الأهمية المتزايدة التي تكتسيها مثل هذه المبادرات في تجسير العلاقة بين السلطة التشريعية والحقل الأكاديمي، بما يتجاوز البعد الرمزي للاحتفاء إلى ترسيخ تقاليد معرفية تساهم في إغناء النقاش العمومي وإعادة تأطير الأدوار المؤسساتية بنَفَس علمي ومنهجي.
وفي كلمته بالمناسبة، أبرز الطالبي العلمي أن الجائزة تمثل تعبيرا مؤسساتيا عن الحاجة إلى مواكبة معرفية مستمرة لمجالات العمل التشريعي، معتبرا إياها محطة متقدمة في مسار الانفتاح المتبادل بين البرلمان والجامعة. وأشار إلى أن ممارسة السلطة التشريعية لم تعد مقتصرة على التشريع والمراقبة، بل باتت تستدعي التحليل والتأويل والابتكار في سياق مجتمع المعرفة. كما أثنى على جودة الأبحاث وتمثيلها الواسع لمختلف الجامعات المغربية، مؤكدا أن الجامعة الوطنية أضحت مختبرا فاعلا لتحليل الأداء السياسي وصياغة مقاربات مؤسساتية عصرية.
من جانبه، شدد لحسن حداد، متحدثا باسم رئيس مجلس المستشارين، على أن الجائزة تجسد اقتناعا راسخا بضرورة ربط العمل البرلماني بالبحث العلمي الرصين، واعتبر أن التفاعل بين البرلمان والجامعة لم يعد ترفا فكريا بل ضرورة ديمقراطية لتقييم السياسات العمومية بمنهجية علمية دقيقة، مثمنا الغنى المعرفي الذي ميز الدورة الحالية.
أما رئيس لجنة التحكيم، عبد الإله العبدي، فقد أكد أن الدورة الخامسة عرفت مستوى علميا عاليا من حيث الأبحاث المرشحة، معتبرا أن هذا التميز يعكس وعيا متزايدا بأهمية تحليل بنية العمل البرلماني باعتباره مجالا تلتقي فيه الدولة بالمجتمع، والسلطة بالثقافة، والسياسة بالقيم. وأشار إلى أن إعادة التفكير في وظائف المؤسسة البرلمانية لم تعد ترفا سياسيا بل حاجة تفرضها تحولات الدولة الحديثة، مشددا على أن المعرفة البرلمانية تحتاج إلى تراكم علمي مستمر لتواكب تحديات الحاضر وتعيد تعريف أدوار المؤسسات التمثيلية.
في عمقها، عكست الجائزة روحا جديدة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والأكاديمية، وطرحت أسئلة جوهرية حول دور الفكر في تجديد العمل المؤسساتي، بما يعزز ثقة المواطن في آليات التمثيل، ويعيد الاعتبار للبرلمان كفضاء حي للوساطة، والنقاش، وصناعة القرار.