أثارت تصريحات رسمية إثيوبية جدلا جديدا بشأن مشاركة القوات المصرية في بعثة حفظ السلام بالصومال، وذلك بعد ساعات من إعلان وزارة الدفاع الصومالية عن استعدادات جارية لنشر وحدات مصرية في البلاد، ضمن إطار بعثة الاتحاد الأفريقي التي تشارك فيها أديس أبابا منذ عام 2014.
وعبّر السفير الإثيوبي لدى الصومال، سليمان ديديفو، في مقابلة مع قناة "يونيفرسال" الصومالية عن "استياء بلاده من نشر القوات المصرية"، معتبرا أن ذلك قد يشكل تحديا سياسيا واستراتيجيا للقوات الإثيوبية المنتشرة هناك. لكنه أقر في الوقت نفسه بأن "من حق الحكومة الصومالية استضافة قوات من أي دولة صديقة".
من جانبها، لم تصدر القاهرة تعليقا رسميا على الموقف الإثيوبي، غير أن تصريحات برلمانيين ودبلوماسيين مصريين سابقين شددت على أن المشاركة المصرية تتم وفق اتفاقيات موقعة مع الصومال، وتحظى بقبول الاتحاد الأفريقي، وهو ما يجعلها "شرعية ولا يحق لإثيوبيا الاعتراض عليها"، بحسب ما أكده النائب مصطفى بكري والسفير صلاح حليمة.
وكانت مصر والصومال قد وقّعتا في غشت 2024 بروتوكول تعاون عسكري، شمل مشاركة قوات مصرية في البعثة الأفريقية للفترة من 2025 إلى 2029، كما قدمت القاهرة دعما عسكريا لمقديشو في شتنبر الماضي. وأعلنت وزارة الدفاع الصومالية هذا الأسبوع ختام أول دورة تدريبية مشتركة لوحدات من الجيش الصومالي على يد ضباط مصريين، تمهيدا لانضمام القوات المصرية رسميا إلى البعثة.
الخبراء من جهتهم يرون أن التحفظ الإثيوبي يعكس مخاوف أوسع من تمدد الدور المصري في منطقة القرن الأفريقي، التي تعتبرها أديس أبابا مجالا حيويا لأمنها القومي، خصوصا في ظل استمرار الخلافات بين البلدين حول ملف "سد النهضة".
الخبير الصومالي علي محمود كلني أوضح أن أي تطور عسكري في الصومال يُنظر إليه تقليديا في إثيوبيا كتهديد استراتيجي مباشر، فيما اعتبر الباحث عبد النور إبراهيم عبد الله أن الانتقادات الإثيوبية "قد تتحول إلى مصدر احتكاك بين القوات على الأرض".
في المقابل، تؤكد الحكومة الصومالية أن استقدام قوات مصرية قرار سيادي، يهدف بالأساس إلى دعم قدراتها الأمنية في مواجهة الجماعات الإرهابية وعلى رأسها "حركة الشباب"، معتبرة أن الحاجة إلى دعم خارجي في هذه المرحلة الحساسة أمر لا مفر منه.
ويرى مراقبون أن دخول مصر على خط البعثة الأفريقية بالصومال سيبقى محور خلاف إقليمي، قد يفاقم من التوتر بين القاهرة وأديس أبابا، ويعكس في الوقت نفسه سباقا على النفوذ في منطقة القرن الأفريقي، حيث تتداخل الملفات الأمنية مع المصالح الاستراتيجية الأوسع.
وفي هذا السياق، يبرز دور الاتحاد الأفريقي باعتباره الجهة الراعية للبعثة في الصومال، إذ يجد نفسه مطالبا بإيجاد صيغة توازن بين الشريكين الكبيرين في القارة (مصر وإثيوبيا) للحيلولة دون تحول البعثة إلى ساحة تنافس ثنائي يهدد هدفها الأساسي المتمثل في دعم الاستقرار الصومالي. نجاح الاتحاد في إدارة هذا الملف سيكون اختبارا جديدا لقدرته على احتواء الخلافات بين أعضائه ومنع انتقال الصراعات الإقليمية إلى مسارح عمليات حفظ السلام.