في ظل تصاعد معدلات البطالة في صفوف الشباب، والتي تجاوزت 37% خلال الربع الأول من هذا العام، يسعى المغرب إلى الرهان على صناعة ألعاب الفيديو كأحد محركات النمو الاقتصادي ومصدر بديل لفرص الشغل، في وقت يتسع فيه حضور هذا القطاع على المستوى العالمي ليجذب أكثر من ثلاثة ملايير لاعب. هذا التوجه الجديد يأتي ضمن استراتيجية وطنية أعلنت عنها الحكومة المغربية، تراهن من خلالها على تنويع الاقتصاد وتعزيز التحول الرقمي، مع تمكين الشباب من أدوات الإبداع والتنافسية في سوق عالمي متسارع.
وأكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، أن المغرب لا يسعى فقط إلى تحصيل عائدات مالية من هذه الصناعة التي تحقق حاليا أكثر من 500 مليون دولار سنويا، بل يهدف أيضا إلى تمكين الشباب من تطوير مشاريعهم الخاصة وتحويل الشغف بالألعاب إلى مسار مهني وفرص اقتصادية. وشدد الوزير، خلال مشاركته في معرض "موروكو غايمينغ إكسبو" المنظم في الرباط، على أن الهدف الأوسع هو إعداد جيل جديد من رواد الأعمال الرقميين، من خلال تكوينات موجهة وتسهيلات لوجستية واستثمارية.
وتتجسد أبرز ملامح هذه الخطة في مشروع "رباط غايمينغ سيتي"، الذي خصصت له الحكومة استثمارا يفوق 26 مليون دولار، على مساحة تمتد لخمسة هكتارات. المشروع يضم فضاءات عمل مشتركة، واستوديوهات إنتاج، ومراكز تدريب متخصصة في تطوير الألعاب، والبرمجة، والواقع الافتراضي، وكلها موجهة لتمكين الشباب المغربي من مهارات تكنولوجية تفتح لهم آفاقا مهنية في الداخل والخارج.
كما أطلقت الحكومة برامج تكوينية بالتعاون مع شركاء دوليين، من ضمنهم فرنسا، تشمل مجالات تصميم الألعاب والتطوير الرقمي، إلى جانب مبادرات جامعية تهدف إلى سد الفجوة بين التكوين الأكاديمي وسوق العمل. وتطمح الرباط إلى مضاعفة العائدات المالية لهذا القطاع بحلول عام 2030، بالتوازي مع تعزيز تموقعها في السوق الإفريقية والعالمية كمركز إقليمي لصناعة الألعاب.
وفي الوقت الذي جذب فيه معرض الألعاب الذي أقيم في العاصمة جمهورا واسعا من عشاق التقنية والرياضات الإلكترونية، تشكل هذه المبادرات الحكومية جزءا من رؤية أشمل ترمي إلى تحويل المغرب من مجرد مستهلك للتكنولوجيا إلى فاعل رئيسي في إنتاج المحتوى الرقمي وتصديره، في خطوة قد تعيد رسم معالم الاقتصاد الشبابي وتفتح صفحة جديدة في علاقة الأجيال الصاعدة بعالم العمل والإبداع.