الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

الركود يضرب السوق العقاري المغربي: هل يواجه القطاع أزمة غير مسبوقة؟


شهد السوق العقاري المغربي خلال الربع الثاني من سنة 2025 حالة ركود ملحوظة، حيث سجلت المعاملات تراجعا بنسبة 21,2%، بينما ظلت الأسعار شبه ثابتة، وفق المؤشر العام لأسعار الأصول العقارية الصادر عن بنك المغرب والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية. هذا الانكماش يثير التساؤلات حول مستقبل القطاع وقدرته على التعافي في الأشهر المقبلة.

أحد أبرز العوامل وراء هذا الركود هو ارتفاع معدلات الفائدة البنكية، ما زاد تكلفة القروض العقارية وأجبر الأسر والمستثمرين على تأجيل عمليات الشراء أو المشاريع الجديدة. تضاف إلى ذلك ضعف القدرة الشرائية للأسر المغربية، خاصة في المدن الكبرى، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية وزيادة الأعباء المعيشية، ما جعل الطلب على العقارات أقل أولوية.

تأثر القطاع أيضا بانخفاض الاستثمار في العقارات المهنية، حيث سجلت المبيعات انخفاضا بنسبة 20,9%. تباطؤ الشركات في مشاريعها التجارية مرتبط بالضغوط الاقتصادية المتزايدة وتكاليف التشغيل العالية، مما أدى إلى تأجيل أو إلغاء عدد من المشاريع الكبرى، خصوصا في الدار البيضاء وطنجة.

بيانات المدن الكبرى كشفت تفاوتا واضحا في أداء السوق، حيث ارتفعت الأسعار في الرباط بنسبة 1,4% مع معاملات مرتفعة بـ4,3% مدفوعة بزيادة مبيعات السكن، بينما شهدت الدار البيضاء انخفاضًا في الأسعار بـ0,5% والمبيعات بـ13,9%. في مراكش، بقيت الأسعار مستقرة نسبيا مع ارتفاع المبيعات بنسبة 2,7% بفضل زيادة معاملات الأراضي والعقارات المهنية، أما طنجة فسجلت انخفاضًا حادًا في الأسعار والمعاملات، مع تراجع السكن بنسبة 19,2% والأراضي بنسبة 22,5%.

وأدى تزايد المشاريع العقارية الجديدة في بعض المدن إلى فائض في العرض مقابل ضعف الطلب الفعلي، ما ساهم في تثبيت الأسعار وزيادة حالة الركود، خاصة في الأراضي والعقارات المهنية.

ويعكس الركود الحالي تفاعل عدة عوامل اقتصادية ومالية وسلوكية، من ارتفاع تكاليف التمويل إلى تراجع القدرة الشرائية وتأجيل الاستثمارات. وفي ظل استمرار هذه الظروف، يواجه السوق العقاري المغربي خطر استمرار التباطؤ، ما يضع القطاع على المحك ويطرح تحديات كبيرة أمام المستثمرين والمطورين خلال الأشهر المقبلة.