الخميس، 21 أغسطس 2025

غزة بين فكي القصف والجوع: اجتياح إسرائيلي جديد لدير البلح يفاقم الأزمة الإنسانية عبر القطاع


دفعت الدبابات الإسرائيلية، صباح الإثنين، باتجاه الأحياء الجنوبية والشرقية لمدينة دير البلح في قطاع غزة، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها منذ بداية الحرب، وسط ترجيحات إسرائيلية تزعم وجود عدد من الرهائن المتبقين في هذه المناطق. وأفادت مصادر طبية في غزة بمقتل ثلاثة فلسطينيين على الأقل، وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، جراء قصف مدفعي استهدف ثمانية منازل وثلاثة مساجد، بعد يوم واحد فقط من إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء للسكان بدعوى وجود "نشاطات لحماس" في المنطقة.

القصف دفع عشرات العائلات التي كانت لا تزال تقيم في دير البلح إلى الفرار نحو المناطق الساحلية غرب المدينة، بالإضافة إلى خان يونس المجاورة، التي شهدت هي الأخرى، في وقت سابق من اليوم نفسه، غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، من بينهم رجل وزوجته وطفليهما، أثناء تواجدهم داخل خيمة، بحسب الطواقم الطبية.

لم يصدر تعليق رسمي فوري من الجانب الإسرائيلي بشأن ما جرى في دير البلح وخان يونس. في المقابل، قالت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إنها لم تدخل أحياء دير البلح الخاضعة لأمر الإخلاء طيلة النزاع، مؤكدة مواصلة عملياتها بقوة كبيرة لتدمير البنية التحتية "الإرهابية" وقدرات العدو في المنطقة.

وتشير مصادر إسرائيلية إلى أن إحجام الجيش عن اقتحام تلك المناطق في وقت سابق يعود إلى الاشتباه في وجود رهائن لدى حركة حماس هناك، حيث يُعتقد أن نحو 20 من أصل 50 رهينة ما زالوا على قيد الحياة داخل غزة. في هذا السياق، عبّرت عائلات المحتجزين عن قلقها المتزايد إزاء مصير ذويهم، مطالبة المؤسسة العسكرية بتوضيح الكيفية التي تعتزم من خلالها حمايتهم خلال العمليات العسكرية الجارية.

تأتي هذه التطورات في ظل تفاقم غير مسبوق في الأزمة الإنسانية داخل القطاع، حيث حذرت وزارة الصحة في غزة من احتمال حدوث وفيات جماعية في الأيام المقبلة نتيجة الجوع المتصاعد، الذي تسبب، بحسب الوزارة، في وفاة 19 شخصا على الأقل منذ يوم السبت. كما نبهت السلطات الصحية إلى أن المستشفيات على وشك فقدان قدرتها التشغيلية بسبب النقص الحاد في الوقود والمساعدات الغذائية والأدوية.

وقال المتحدث باسم الوزارة، خليل الدقران، إن الطواقم الطبية بالكاد تحصل على وجبة واحدة في اليوم، في حين يتوافد مئات الأشخاص يوميا إلى المستشفيات وهم يعانون من الإعياء والإنهاك جراء الجوع. ووفقا لتقارير محلية، قُتل 67 شخصا يوم الأحد برصاص القوات الإسرائيلية أثناء انتظارهم وصول شاحنات مساعدات أممية شمال القطاع. وفي ردها، قالت القوات الإسرائيلية إنها أطلقت طلقات تحذيرية باتجاه الحشود التي وصفتها بأنها "تشكل تهديدا فوريا"، مؤكدة أن التحقيقات الأولية تُظهر أن أعداد القتلى المعلنة "مبالغ فيها"، وأنها "لا تستهدف عمدا شاحنات المساعدات الإنسانية"، رغم مقاططع الفيديو المتعددة التي تظهر فيها القوات الإسرائيلية أو القوات الخاصة المساهمة في تنظيم عملية توزيع المساعدات وهي تطلق الرصاص بشكل مباشر على الغزاويين الذين يحجون لمناطق توزيع المساعدات.

يُتوقع أن تؤثر هذه المستجدات، من عمليات عسكرية متصاعدة وسقوط مزيد من الضحايا، سلبا على المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار، والتي تجري بوساطة قطرية ومصرية، وبدعم من الولايات المتحدة. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول في حماس قوله إن ارتفاع عدد القتلى وتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع يثيران غضب الحركة، ما قد ينعكس سلبا على مسار المحادثات الجارية في الدوحة.