تجد فرنسا نفسها من جديد في قلب أزمة سياسية حادة بعد أن صوّت نواب الجمعية الوطنية، بأغلبية 364 صوتا مقابل 194 وامتناع 25 نائبا، على سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، الذي قدّم بنفسه على نحو مفاجئ هذا التصويت عقب المعارضة الواسعة لمشروع ميزانيته.
وكانت هزيمة بايرو متوقعة منذ أسابيع، غير أنّ سقوط حكومته يترك فرنسا أمام مأزق سياسي كبير يعيدها إلى الوضع المضطرب الذي عرفته نهاية العام الماضي بعد إطاحة سلفه ميشال بارنييه. وبحسب وسائل الإعلام الفرنسية، سيقدّم بايرو استقالة حكومته للرئيس إيمانويل ماكرون صباح الثلاثاء، مع بقائه على الأرجح في منصب تسيير الأعمال إلى حين تعيين خلف له.
ويجد الرئيس ماكرون نفسه أمام خيارات كلها صعبة: تعيين رئيس وزراء جديد قد يستغرق أسابيع بسبب توازنات البرلمان المنقسم، أو الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة قد تمنح اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبن انتصارا أوسع، أو الذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وهو خيار دعا إليه البعض لكن ماكرون استبعده مرارا، خاصة وأن ولايته الثانية تنتهي في 2027 ولا يحق له الترشح من جديد.
وعكس النقاش داخل البرلمان عمق الأزمة؛ مارين لوبن تحدثت عن "نهاية عذاب حكومة شبحية"، فيما اعتبر حزب الخضر أن رحيل بايرو "يشكل ارتياحا"، أما اليسار المتطرف فاتهم بايرو وماكرون معا بكونهما "خطرا على البلاد". في المقابل، أيّد الجمهوريون بفتور حكومة بايرو، بينما حمّل الاشتراكيون الرئيس ماكرون وحده مسؤولية الوضع.
ورغم رحيله، يبقى الملف الأصعب هو جبل الديون الذي حاول بايرو معالجته دون نجاح، وهو تحدٍ سيتعين على ماكرون وحكومته المقبلة مواجهته وسط مشهد سياسي مأزوم وغير مستقر.