الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

تقارير تكشف اختلالات وفساد في مشاريع الأسواق النموذجية بالمغرب


كشفت سلسلة من تقارير التفتيش عن اختلالات خطيرة في مشاريع "الأسواق النموذجية" التي أُطلقت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي كان الهدف منها تنظيم الباعة المتجولين ودعم الاقتصاد المحلي.

وتحول عدد من المشاريع التي استهلكت ملايين الدراهم من الأموال العمومية في كثير من الحالات إلى بنايات مهجورة، بدل أن تصبح فضاءات نشيطة اقتصاديا.

وأظهرت عمليات الافتحاص الداخلي التي أشرفت عليها وزارة الداخلية سوء تدبير واسع النطاق، عيوبا في البناء، ومؤشرات على الفساد في عدد من الأسواق، خصوصا بجهات الدار البيضاء-سطات، مراكش-آسفي، والرباط-سلا-القنيطرة. وقد يواجه بعض مكاتب الدراسات والمقاولات متابعات قضائية بسبب شبهات تزوير فواتير أو عدم إتمام الأشغال.

من أبرز الخلاصات المثيرة للقلق وجود أسواق لم تُفتح أبوابها إطلاقا رغم استهلاكها لميزانيات ضخمة، مع تحميل المسؤولية لمنتخبين محليين سابقين وحاليين بتهمة الإهمال أو التواطؤ، في ما يُوصف اليوم بهدر كبير للمال العام.

وقد أمرت الوزارة في مدن مثل سلا والقنيطرة ومراكش بمزيد من الافتحاصات إثر شكايات متزايدة حول سوء التدبير وممارسات مالية مشبوهة. وقد أقدمت بعض الجهات، بتعليمات من ولاة جدد، على إعفاء مسؤولين إقليميين عن أقسام الشؤون الاجتماعية بسبب مؤشرات التواطؤ مع مقاولين.

كما انتقدت التقارير السماح ببقاء أسواق مغلقة لسنوات، بينما راكمت مكاتب دراسات مبالغ مالية مهمة مقابل أعمال غير مكتملة أو دون المستوى المطلوب. وتم إعداد قوائم تضم مكاتب هندسة ومنتخبين جماعيين متورطين في هذه الاختلالات، بينهم رؤساء جماعات حاليون وسابقون متهمون بالاستفادة من مبادرة ملكية موجهة أصلا للفئات الهشة.

بل حتى الأسواق التي دخلت حيز الاستغلال تعاني بدورها من فوضى، بسبب غياب تكوين للتجار وضعف المراقبة، ما أدى إلى عودة بعض الباعة المتجولين للشوارع، فيما لجأ آخرون إلى تعديلات عشوائية وحجز ممرات وإحداث ظروف غير صحية جعلت عددا كبيرا من الزبائن ينفرون منها.

وأمام تزايد غضب الرأي العام، أعطت وزارة الداخلية الضوء الأخضر لحملة محاسبة أوسع، ما ينذر بامتداد المسؤولية إلى مستويات أعلى من التدبير المحلي في ملف يُوصف بـ"فشل تجربة الأسواق النموذجية" في المغرب.