الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

مدارس الريادة في المغرب: الحلم التربوي بين التفاؤل والإشكاليات البنيوية


مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد، تتصدر مدارس الريادة في المغرب المشهد التعليمي كنموذج طموح يسعى لتحقيق حلم التعليم المتفوق بعد سنوات من برامج تعليمية سابقة لم ترتقِ إلى طموحات التلاميذ والمجتمع، مثل المخطط الاستعجالي وإصلاحات جزئية أخرى، التي لم تتمكن من معالجة الإشكاليات البنيوية في النظام التعليمي.
 
وتعتمد مدارس الريادة على دمج المناهج الوطنية مع البرامج العالمية، مع التركيز على تنمية التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية محفزة، بما يتيح للطالب اكتساب مهارات متعددة تؤهله للمنافسة محليا ودوليا.

ومع ذلك، تواجه هذه المدارس عدة تحديات جوهرية قد تحد من قدرتها على تحقيق أهدافها، أبرزها الاكتظاظ الكبير في الفصول الدراسية الذي يعيق فعالية التعليم، وقلة التجهيزات الأساسية التي تجعل العملية التعليمية صعبة في بعض المؤسسات، إضافة إلى نقص برامج تكوين الأساتذة بما يحد من تطوير مهاراتهم وقدرتهم على مواكبة أساليب التدريس الحديثة. كما يمثل مشكل النقل المدرسي في القرى والمناطق النائية عائقا أمام حضور التلاميذ المنتظم، ويؤدي إلى تفاقم الهدر المدرسي، خاصة في المناطق الهشة والمحرومة، مما يزيد من الفجوة بين المدن الكبرى والمناطق الأقل حظا من حيث الخدمات التعليمية.

نجاح مدارس الريادة قد يمثل نقلة نوعية في التعليم المغربي ويوفر نموذجا يحتذى به يمكن تعميمه لاحقا على باقي المؤسسات التعليمية، بينما أي فشل أو محدودية في تأثيرها قد يجعلها مجرد نسخة محسنة جزئيا من البرامج السابقة، دون تحقيق الفرق المطلوب. مدارس الريادة هي فرصة تاريخية لإعادة تعريف التعليم العمومي في المغرب، لكنها أيضا اختبار حقيقي للنظام التعليمي في قدرته على مواجهة الإشكاليات البنيوية المزمنة.
 
نجاح هذا النموذج من المدارس يعتمد أساسا على معالجة الاكتظاظ، تحسين التجهيزات، توفير برامج تكوين فعالة للأساتذة، حل مشاكل النقل المدرسي، ومكافحة الهدر المدرسي لضمان تحقيق الحلم التربوي الكبير الذي يعكس طموحات المجتمع في تعليم متفوق وحداثي