أعلنت إثيوبيا، اليوم الثلاثاء، عن التدشين الرسمي لأكبر سد كهرومائي في إفريقيا، سد النهضة الكبير، الذي سيزود ملايين الأشخاص بالطاقة الكهربائية، لكنه يفاقم في الوقت نفسه الخلاف مع مصر ودول المصب ويثير توترا إقليميا متصاعدا.
وتعتبر أديس أبابا، ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان (أكثر من 120 مليون نسمة)، أن السد البالغة كلفته 5 مليارات دولار يشكل ركيزة أساسية في طموحاتها التنموية. وقد ارتفعت طاقته الإنتاجية تدريجيا منذ تشغيل أول توربين سنة 2022، ليبلغ الثلاثاء ذروته بطاقة 5,150 ميغاواط، ما يجعله ضمن أكبر 20 سدا كهرومائيا في العالم.
وخلال حفل التدشين بمدينة غوبا، حضر رؤساء كل من الصومال وجيبوتي وكينيا، فيما أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن السد "مشروع للرخاء ولإنارة المنطقة بأسرها"، نافيا أن يكون موجها للإضرار بمصر أو السودان. وأضاف أن السد سيمكن من تحسين ولوج ملايين الإثيوبيين للكهرباء وتصدير الفائض لدول الجوار.
وقد غمرت بحيرة السد مساحة تفوق مساحة مدينة لندن الكبرى، وتقول الحكومة الإثيوبية إنها ستساهم في تنظيم الري والحد من الفيضانات والجفاف. غير أن مصر تنظر إلى المشروع باعتباره تهديدا وجوديا، إذ تعتمد بنسبة 90% على مياه النيل. وقد وصفت القاهرة افتتاح السد بأنه خرق للقانون الدولي، مؤكدة احتفاظها بحق اتخاذ "كل الإجراءات الضرورية" لحماية مصالحها.
أما السودان، فيتأرجح بين دعواته إلى اتفاق قانوني ملزم حول تشغيل السد وبين الاستفادة المحتملة من الطاقة الرخيصة وتحسين إدارة الفيضانات.
من جهتها، تشدد إثيوبيا على أن ملء خزّان السد، الذي بدأ تدريجيا منذ 2020، لم يلحق أضرارا ملموسة بدول المصب، مستفيدة من مواسم أمطار جيدة واعتمادها على التعبئة الحذرة خلال خمس سنوات. ورغم النزاعات الداخلية التي عرفتها البلاد، شكل السد بالنسبة للإثيوبيين مصدر فخر وطني ورمزا للوحدة.
وقد ساهمت الدولة الإثيوبية في تمويل 91% من المشروع، بينما جاء الباقي من تبرعات المواطنين وشراء السندات. ويؤكد سكان المناطق المجاورة أن السد غير حياتهم، إذ وفر الكهرباء لأول مرة لقراهم.
ومع ذلك، يظل التحدي قائما في إيصال الطاقة إلى مختلف المناطق القروية، حيث لا يتجاوز معدل استفادة السكان من الكهرباء 55%، رغم أن المدن الكبرى وصلت نسبة تغطيتها إلى 94% سنة 2022، وفق البنك الدولي.