الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

مقتل العشرات واستقالة رئيس الوزراء في نيبال بسبب حجب فيسبوك ويوتيوب


شهدت العاصمة النيبالية كاتماندو، في الأيام الأخيرة، موجة احتجاجات هي الأعنف منذ عشرين عاما، بعدما قررت السلطات حجب مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل فيسبوك ويوتيوب وإكس. هذه الخطوة، التي اعتبرها كثير من الشباب قمعًا مباشرا للحرية الرقمية والتعبير عن الرأي، كانت الشرارة التي أشعلت الغضب الشعبي، لتتطور الاحتجاجات سريعا إلى أعمال عنف ونهب وإشعال النار في مبان حكومية، بما في ذلك مقر البرلمان ومنزل رئيس الوزراء المستقيل.
 
الشباب، ممثلون في جيل الألفية المعروف باسم "جيل زي"، عبّروا عن استيائهم العميق ليس فقط من حجب المنصات الرقمية، بل من الفساد المستشري بين النخبة الحاكمة، والحرمان من فرص العمل، وضعف الخدمات العامة. فقد أعربوا عن رفضهم للسيطرة على وسائل الإعلام الرقمية كوسيلة لتقييد صوت المواطنين، معتبرين أن الرقابة على الإنترنت تمثل محاولة للنخبة السياسية للحفاظ على سلطتها وتكميم الأفواه.
 
أدى هذا الغضب إلى تصعيد سريع، شمل صدامات عنيفة مع الشرطة، ما أسفر عن مقتل 19 شخصا وإصابة المئات. ومع اشتداد الاحتجاجات، اضطر رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي إلى الاستقالة، ما فتح المجال أمام تدخل الجيش النيبالي لفرض النظام، وفرض حظر تجول صارم في العاصمة.
 
لكن رغم سيطرة الجيش، تبقى الأزمة الرقمية والسياسية في نيبال أعمق من مجرد فرض النظام بالقوة. حجب مواقع التواصل الاجتماعي كشف هشاشة المؤسسات أمام مطالب الشباب، وأبرز الحاجة إلى إصلاحات سياسية حقيقية، وإشراك الشباب في اتخاذ القرار، وضمان حرية التعبير الرقمية.
 
الأحداث الأخيرة في كاتماندو تشكل درسا واضحا لكل الحكومات: السيطرة على الإنترنت ومحاولة إغلاق منصات التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى انفجار الغضب الشعبي، خاصة بين الشباب، وقد تتحول سريعًا إلى أزمة سياسية وأمنية كبرى. النيبال اليوم تواجه تحديا مزدوجا: إدارة الأمن والحفاظ على النظام، وفي الوقت نفسه تلبية مطالب جيل يرى في الإنترنت وسيلة للبقاء متصلا بالعالم، وللمطالبة بحقوقه الأساسية.