الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

موريتانيا والمغرب يعززان التعاون الأمني عبر ورشة عمل لمكافحة الإرهاب وحماية الحدود


احتضنت فرقة العمليات التابعة للأركان العامة للجيوش الموريتانية، يومي 9 و10 شتنبر 2025، ورشة عمل مشتركة جمعت ضباطا من القوات المسلحة الموريتانية ونظراءهم من القوات المسلحة الملكية المغربية، حول المقاربة الأمنية في مكافحة الإرهاب واستراتيجية مراقبة الحدود.

وأوضح الجيش الموريتاني، في بيان رسمي، أن الورشة جاءت في إطار علاقات التعاون العسكري المتنامية بين نواكشوط والرباط، وشهدت مشاركة ضابطين من الجانب المغربي، إلى جانب ضباط من فرقة العمليات، وفرقة الاستخبارات والأمن العسكري، وفرقة التعاون العسكري.

وقد تخللت الورشة عروض مفصلة ونقاشات معمقة تناولت تجارب الطرفين في مجال أمن الحدود، مع تبادل للخبرات والتجارب الميدانية، خصوصا في ظل التحديات الأمنية المتنامية التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء.

كما أشار البيان إلى أن الوفد المغربي حظي باستقبال رسمي من طرف العقيد حينة بوسيف، قائد فرقة العمليات، حيث جرى استعراض مختلف أوجه التعاون العسكري بين موريتانيا والمغرب، والتأكيد على أهمية تعزيز التنسيق المشترك في مواجهة المخاطر العابرة للحدود، وعلى رأسها الإرهاب والجريمة المنظمة.

تحليل استراتيجي: تعاون يتجاوز البعد الثنائي

يمثل هذا اللقاء محطة جديدة في تطور الشراكة الأمنية بين الرباط ونواكشوط، في وقت تواجه فيه المنطقة تهديدات متزايدة مرتبطة بتنامي الجماعات المتطرفة في الساحل، وتوسع شبكات التهريب والجريمة المنظمة عبر الحدود.

فالمغرب، بحكم خبرته الطويلة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العابر للحدود، يسعى إلى نقل تجربته الميدانية والاستخباراتية إلى شركائه الإقليميين، في حين تولي موريتانيا أهمية قصوى لتقوية قدراتها في ضبط حدودها الطويلة والمعقدة، خصوصاً مع مالي، التي ما زالت بؤرة هشة أمنيا.

التعاون بين البلدين يتجاوز بعده الثنائي، ليعكس مقاربة إقليمية أوسع تسعى إلى بناء تنسيق بين الدول المغاربية والساحلية، في ظل قصور المبادرات الإقليمية التقليدية مثل مجموعة دول الساحل الخمس التي تواجه صعوبات سياسية ومالية.

كما أن انخراط المغرب في تعزيز التعاون العسكري مع موريتانيا يحمل رسائل استراتيجية مرتبطة أيضاً بالعمق المغاربي، حيث يساهم في تقوية جسور الثقة بين الرباط ونواكشوط، ويفتح المجال أمام شراكات مستقبلية أوسع تشمل التدريب، وتبادل المعلومات، والمراقبة التكنولوجية للحدود.

يكتسب هذا التعاون بعدا إضافيا حين يُنظر إليه في سياق توازنات المغرب العربي. ففي الوقت الذي تغيب فيه الجزائر عن مثل هذه المبادرات الثنائية، وتتبنى مقاربة أكثر انعزالية في ملف الساحل، يبرز المغرب كفاعل نشط يسعى إلى تعزيز نفوذه الإقليمي عبر التعاون الأمني والعسكري مع موريتانيا.

هذا التقارب يعكس إعادة تشكل للخارطة الأمنية المغاربية، حيث يقترب البلدان من صياغة رؤية مشتركة للتحديات العابرة للحدود، بما قد يخلق محورا استراتيجيا جديدا يمتد من الرباط إلى نواكشوط، ويؤثر بشكل مباشر في موازين القوى داخل المنطقة المغاربية