استعاد عثمان بنجلون صدارة لائحة أغنى شخصية في المغرب بثروة تقدر بحوالي ملياري دولار، وفق تقرير حديث لمجلة فوربس، بعد أن حقق هذا العام قفزة نوعية في ثروته بزيادة وصلت إلى 400 مليون دولار. هذه العودة إلى القمة تأتي بعد منافسة قوية مع أسماء وازنة في عالم المال والأعمال بالمغرب، من بينها الملياردير أنس الصفريوي ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذين طالما احتلوا بدورهم مراتب متقدمة في تصنيفات فوربس السابقة.
يشكل مسار بنجلون مثالا بارزا لرجل الأعمال الذي استطاع عبر عقود من الزمن بناء إمبراطورية مالية متشعبة تشمل قطاعات استراتيجية على رأسها البنوك والتأمينات، من خلال مجموعته المعروفة "البنك المغربي للتجارة الخارجية" وشركات التأمين التابعة له. ومكن تنويع الاستثمارات وتوسيعها نحو إفريقيا جنوب الصحراء بنجلون من تعزيز موقعه كرائد إقليمي، مستفيدا من التحولات الاقتصادية التي تعرفها القارة والطلب المتزايد على الخدمات البنكية والتأمينية.
القفزة الأخيرة في صافي ثروته تعكس استقرار أعماله وقوة أصول مجموعته، إلى جانب قدرة واضحة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية. وفي الوقت الذي شهدت فيه ثروات بعض رجال الأعمال المغاربة تقلبات مرتبطة بأسواق العقار أو تقلب أسعار الطاقة، ظل بنجلون يستثمر في القطاعات الأكثر استقرارا وربحية على المدى الطويل، وهو ما مكنه من استعادة موقعه الريادي على مستوى المغرب.
لكن الأهمية لا تتوقف عند حدود المملكة، فبنجلون يعد أيضا اسما بارزا على مستوى القارة الإفريقية. فقد وضعته فوربس في المرتبة الرابعة عشرة بين أغنى الشخصيات في إفريقيا، وهي مرتبة متقدمة بالنظر إلى حجم المنافسة من رجال أعمال كبار في نيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا، حيث تصل ثروات بعضهم، مثل أليكو دانغوتي، إلى عشرات المليارات.
إن قراءة هذه المعطيات تبرز أن المشهد الاقتصادي المغربي لا يزال يتسم بتنافسية قوية بين كبار المستثمرين، ما يعكس دينامية في تنويع مصادر الثروة ومجالات الاستثمار. كما يطرح في الآن ذاته سؤالا حول مدى قدرة المغرب على خلق بيئة استثمارية تسمح بظهور أسماء جديدة في عالم المليارديرات، بعيدا عن الأسماء التقليدية التي تسيطر على المشهد منذ سنوات.
في نهاية المطاف، يمثل صعود بنجلون مجددا إلى صدارة قائمة أغنياء المغرب إشارة واضحة إلى أن القطاع البنكي والمالي يظل أحد أكثر القطاعات قدرة على خلق الثروة وضمان الاستمرارية في عالم يعرف تقلبات حادة. كما أن موقعه المتقدم في قائمة أغنياء إفريقيا يعزز صورة المغرب كبلد يملك رجال أعمال مؤثرين قادرين على التنافس قاريا، ما يضعه في قلب النقاش حول دور النخب الاقتصادية في دعم التنمية وجعل المغرب فاعلا أساسيا في القارة.