كشف تقرير جديد عن أزمة ثقة عميقة لدى المغاربة تجاه مؤسساتهم السياسية، حيث جاءت الأحزاب السياسية في صدارة المؤسسات الأقل مصداقية لدى المواطنين. التقرير، الصادر عن المركز المغربي للمواطنة تحت عنوان "الأحزاب السياسية المغربية وأزمة المصداقية"، أظهر مستويات مقلقة من فقدان الثقة بين المواطنين والفاعلين السياسيين.
وبحسب نتائج الدراسة، فإن 91.5 في المائة من المستجوبين اعتبروا أداء الأحزاب ضعيفا، مقابل 7.6 في المائة وصفوه بالمقبول، فيما لم يمنح سوى 0.9 في المائة تقييما إيجابيا. وتراجعت الأحزاب السياسية إلى المرتبة الأخيرة خلف باقي المؤسسات، حيث حصل البرلمان على تقييم سلبي من 89.5 في المائة من المشاركين، تلاه أداء الحكومة بـ87.3 في المائة، ثم المعارضة بـ80.6 في المائة، بينما لم تسلم النقابات والمجالس المحلية ووسائل الإعلام من تراجع الثقة العامة.
وأشار التقرير إلى أن صعود الأفراد داخل الأحزاب يخضع بشكل أساسي لعوامل بعيدة عن الكفاءة. فقد رأى 64.3 في المائة من المشاركين أن المال هو الوسيلة الأساسية للتدرج السياسي، فيما اعتبر 60.8 في المائة أن شبكات الزبونية تمنح الامتيازات، وأكد 57.4 في المائة أن الولاء والتملق يلعبان دورا محوريا. في المقابل، ربط 28.5 في المائة فقط التقدم في الأحزاب بالكفاءة والقدرة التدبيرية.
وتحدثت الدراسة عن "أزمة مزدوجة" تعاني منها الأحزاب: أزمة ثقة مع الرأي العام تضعها في أسفل سلم المصداقية المؤسسية، وأزمة داخلية مرتبطة بآليات الارتقاء التي تقوم على الولاءات والمصالح أكثر من البرامج الإنتاجية أو الكفاءات.
ويرى التقرير أن هذه الوضعية تثير مخاوف جدية بشأن قدرة الأحزاب على استعادة دورها كوسيط أساسي بين الدولة والمجتمع، محذرا من أن الانتخابات المقبلة قد تشهد نسب مشاركة ضعيفة نتيجة هذا التآكل في المصداقية. كما شدد على أن إصلاحا جذريا في الديناميات الداخلية واستراتيجيات التواصل مع المواطنين أصبح ضروريا لاستعادة الشرعية السياسية، محذرا من أن استمرار هذا الوضع قد تكون له انعكاسات طويلة الأمد على مسار الديمقراطية المغربية.