الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

بوريطة يمثل المغرب في إحياء الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة بنيويورك


شارك وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة اليوم الاثنين في نيويورك، في الاجتماع رفيع المستوى المخصص لإحياء الذكرى الثمانين لتأسيس منظمة الأمم المتحدة. وقد تميز هذا الحدث بحضور قادة ومسؤولين من مختلف أنحاء العالم، في مناسبة اعتبرت محطة بارزة للتأمل في مسار المنظمة الأممية منذ تأسيسها سنة 1945، واستشراف آفاق مستقبلها في ظل التحديات التي يواجهها النظام الدولي المعاصر.

إحياء هذه الذكرى لم يكن مجرد لحظة بروتوكولية، بل مناسبة للتأكيد على أهمية ميثاق الأمم المتحدة الذي شكل منذ ثمانية عقود مرجعية أساسية لبناء نظام عالمي قائم على السلم والأمن والتعاون المشترك. كما أتاح الاجتماع فرصة لتقييم مدى فعالية المنظمة في مواجهة أزمات كبرى هزت العالم، بدءا من النزاعات المسلحة مرورا بالأزمات الإنسانية وصولا إلى التحديات العابرة للحدود مثل التغير المناخي والإرهاب والهجرة غير النظامية.

وقد شدد المتدخلون خلال هذا اللقاء على أن العالم يعيش مرحلة دقيقة تستوجب تعزيز التعددية والتمسك بالقانون الدولي، مؤكدين أن إصلاح منظومة الأمم المتحدة بات ضرورة ملحة لتتمكن من مواكبة تحولات القرن الحادي والعشرين. وفي هذا السياق، تم التأكيد على الحاجة إلى جعل المنظمة أكثر شمولية وفعالية، مع إيلاء اهتمام خاص بقضايا التنمية المستدامة والأمن الغذائي والطاقة، بما يضمن استجابة عملية لانتظارات الشعوب.

مشاركة المغرب في هذا الموعد الأممي، من خلال الوزير ناصر بوريطة، تعكس التزام المملكة الراسخ بدعم العمل متعدد الأطراف، وترسخ مكانتها كشريك موثوق داخل المجتمع الدولي. فمنذ انضمامها إلى الأمم المتحدة سنة 1956، تبنت المملكة خيار الدبلوماسية البناءة القائمة على الحوار والتعاون، وهو ما تجسد في مساهماتها في عمليات حفظ السلام، وفي دعمها للمبادرات الأممية الهادفة إلى تعزيز السلم والأمن الدوليين، فضلا عن مبادراتها الرامية إلى الدفع بالتنمية في القارة الإفريقية.

يلعب المغرب، داخل أروقة الأمم المتحدة، دورا محوريا في الدفاع عن قضايا القارة الإفريقية والعالم العربي. فقد عمل باستمرار على جعل صوت إفريقيا مسموعا في المحافل الدولية، سواء عبر مبادراته لتعزيز التنمية المستدامة جنوب الصحراء، أو من خلال دعمه لبرامج الأمم المتحدة المرتبطة بالأمن والاستقرار في الساحل والقرن الإفريقي. كما ظل المغرب مدافعا شرسا عن القضايا العربية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث يجدد باستمرار دعوته إلى إرساء حل عادل ودائم يقوم على الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين.

هذا الحضور النشط يعكس مكانة المغرب كجسر بين إفريقيا والعالم العربي من جهة، وبين الشمال والجنوب من جهة أخرى، حيث يوظف خبرته الدبلوماسية ومساعيه للتقريب بين وجهات النظر المختلفة من أجل بناء توافقات تخدم السلم والأمن الدوليين.

ويؤكد حضور بوريطة في نيويورك الرؤية الملكية التي تضع الدبلوماسية المغربية في خدمة القضايا الكبرى للأمم المتحدة، سواء تعلق الأمر بمكافحة التغيرات المناخية، أو تعزيز الأمن الطاقي والغذائي، أو مواجهة التحديات المرتبطة بالهجرة، إلى جانب المساهمة في الوساطات الهادفة إلى تسوية النزاعات الإقليمية. كما يكرس هذا الحضور حرص المملكة على جعل الأمم المتحدة إطارا جماعيا لمعالجة الأزمات العالمية بما يضمن تحقيق الاستقرار وبناء عالم أكثر عدلا وإنصافا.

وبينما تحتفل الأمم المتحدة بثمانين عاما من العمل الجماعي، يبرز المغرب كصوت دبلوماسي متوازن، يدافع عن قيم التضامن الدولي ويؤمن بأن مواجهة التحديات العالمية تتطلب تقوية التعاون بين الدول بدل الانغلاق والصراعات. ومن خلال هذه المشاركة، جدد المغرب التأكيد على التزامه بمواكبة مسيرة الأمم المتحدة نحو مزيد من الفعالية والقدرة على الاستجابة للتطلعات المشتركة لشعوب العالم.