قال رئيس الحكومة المغربية الأسبق سعد الدين العثماني إن المملكة تمر بمرحلة صعبة في ظل خروج شباب الجيل الجديد إلى الشوارع بمطالب مشروعة تعكس عمق الأزمة الاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد. وانتقد العثماني أداء الحكومة الحالية، متهماً إياها بالفشل في الوفاء بوعودها وعجزها عن تلبية احتياجات المواطنين الأساسية.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحزب المغربي الحر، وصف العثماني المرحلة الحالية بأنها "صعبة وحساسة اجتماعيا وسياسيا ووطنيا، سواء تعلق الأمر بحقوق الإنسان أو بكرامة المواطن أو بقيم المواطنة والعدالة الاجتماعية". وأضاف أن غياب التواصل السياسي يمثل جوهر الأزمة الراهنة، موضحا أن هذا الخلل "ليس المشكلة الوحيدة، لكنه يأتي على رأس التحديات في عهد الحكومة الحالية".
واعتبر العثماني أن الاحتجاجات التي يقودها شباب الجيل الجديد تعكس هموما وطنية جامعة، إذ أن "مطالب الجيل الجديد هي نفسها مطالب جميع المغاربة، سواء في مجالات الصحة أو التعليم أو مكافحة الفساد أو التشغيل". وأكد أن هذه المطالب المشروعة دفعت الشباب إلى التظاهر، مشيدا بسلميتهم ومعتبرا أن في تحركهم "رسالة سياسية إيجابية وتأكيدا على مبدأ حرية التعبير والتجمع التي يجب الحفاظ عليها في بلدنا".
وأشار إلى أن التظاهرات تتزامن مع مسيرات أسبوعية تضامنية مع غزة، معتبرا أن ذلك يعكس "أجواء الحرية التي تسود المغرب". لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة التمييز بين الاحتجاج السلمي وأعمال التخريب، مؤكدا أن "لا مغربي يقبل بالاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة أو على المواطنين وقوات الأمن".
وفي هذا السياق، أعرب العثماني عن قلقه من أعمال العنف التي شابت بعض الاحتجاجات في عدد من المدن، داعيا الشباب إلى الحذر من الجهات التي تسعى إلى حرف مسار الحراك عن أهدافه المشروعة. وقال إن "الاحتجاجات بدأت بنوايا صادقة، لكن دوائر أخرى دخلت على الخط"، محذرا من أن "للمغرب أعداء لا مجرد خصوم، يسعون إلى الاصطياد في المياه العكرة، ويجب ألا نتيح لهم فرصة الإضرار بالوطن وثوابته ومؤسساته الدستورية".
كما وجه العثماني انتقادات حادة للحكومة بسبب تجميدها الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد التي وضعتها حكومته السابقة، مذكرا بأن "32 نائبا برلمانيا يقبعون في السجن على خلفية قضايا فساد، معظمهم من أحزاب الأغلبية". وأكد أن "الشباب على حق عندما يقولون إن هناك فسادا، فالمشكل موجود وعلينا الاعتراف به". وأضاف أنه يفخر بأن حكومته أسست أولى المؤسسات المعنية بالحكامة المرتبطة بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي وضعها في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، لكنه استنكر أن أول خطوة اتخذتها الحكومة الحالية كانت "تجميد هذه الاستراتيجية بدل تقييم نتائجها"، مشيرا إلى أن اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذها لم تجتمع ولو مرة واحدة.
وفي ما يتعلق بالتشغيل، اتهم العثماني الحكومة بارتكاب "أخطاء جسيمة أثرت مباشرة على القطاعات التي يطالب الشباب بإصلاحها"، متسائلا عن مصير الوعود الانتخابية قائلا: "أين المليون منصب شغل الموعود؟ حتى 200 ألف لم تتحقق وفق تقارير المندوبية السامية للتخطيط".
وختم العثماني كلمته بالتأكيد على أن الحكومة "لم تكن في مستوى التحديات بسبب تآكل العمل السياسي ومحاولات تهميشه"، محذرا من أن هذا الوضع أدى إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية التي يعبر عنها شباب المغرب اليوم في الشوارع.