أكد رئيس مدغشقر أندري راجولينا، يوم الجمعة، استعداده للإصغاء إلى مطالب المواطنين وإيجاد حلول للمشكلات التي تواجه البلاد، غير أنه تجاهل دعوات الاستقالة التي أطلقها المحتجون المشاركون في حركة شبابية واسعة تهز البلاد منذ أكثر من أسبوع. وتشهد مدغشقر موجة احتجاجات غير مسبوقة منذ سنوات، تقودها فئة الشباب المتأثرة بحركات مشابهة في كينيا ونيبال، وسط استياء شعبي متزايد من تفشي الفقر والفساد.
ورغم أن الرئيس أعلن، في محاولة لتهدئة الأوضاع، حل الحكومة يوم الاثنين الماضي، إلا أن هذه الخطوة لم تخفف من الغضب الشعبي الذي تفجر بداية في العاصمة أنتاناناريفو يوم 25 شتنبر، على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية وتزايد انقطاعات الماء والكهرباء. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الاحتجاجات أسفرت خلال أيامها الأولى عن مقتل ما لا يقل عن 22 شخصا وإصابة أكثر من مئة آخرين، بينما رفضت الحكومة هذه الأرقام ووصفتها بغير الدقيقة.
وفي خطاب متلفز بثه عبر صفحته على موقع فيسبوك، قال راجولينا: "لا أحد يستفيد من تدمير الوطن. أنا هنا، مستعد للإصغاء، لمد يد المساعدة، والأهم من ذلك لإيجاد حلول لمدغشقر". كما اتهم، دون تقديم أدلة، بعض السياسيين بمحاولة استغلال الاحتجاجات والتخطيط لانقلاب خلال وجوده في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة الأسبوع الماضي. وأضاف: "انتقاد الأوضاع لا يجب أن يتم في الشوارع، بل من خلال الحوار"، في إشارة إلى رغبته في فتح قنوات نقاش، رغم أن صعوده إلى السلطة نفسه جاء إثر انقلاب عام 2009 بعد قيادته احتجاجات ضد الحكومة آنذاك.
وأعلن راجولينا في منشور على حسابه بمنصة "إكس" أنه عقد لقاءات خلال الأيام الثلاثة الماضية مع مختلف الأطراف لمناقشة الأزمة. في المقابل، استؤنفت المظاهرات في العاصمة يوم الجمعة بعد توقف ليوم واحد، حيث أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وفق ما أظهرته لقطات بثتها قناة "ريال تي في مدغشقر".
ورغم ما تتمتع به البلاد من ثروات معدنية وزراعية هائلة وتنوع بيئي فريد، لا تزال مدغشقر من أفقر دول العالم. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن نصيب الفرد من الدخل تراجع بنسبة 45 في المئة بالقيمة الحقيقية بين عامي 1960 و2020، مرجعا هذا التدهور إلى احتكار النخب غير الخاضعة للمساءلة للمؤسسات والموارد، وغياب المنافسة والشفافية الاقتصادية.