الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

نزار بركة يقلب الطاولة على أخنوش من قلب القناة الثانية


في خطوة فاجأت المتتبعين وأربكت حسابات الأغلبية الحكومية، خرج نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، بتصريحات نارية خلال مروره في القناة الثانية، أعلن فيها أنه يتحدث بصفته الحزبية لا الحكومية، في ما اعتبره مراقبون تبرؤا واضحا من حصيلة حكومة عزيز أخنوش.

تصريح بركة الذي جاء هادئا في نبرته لكنه حادا في مضمونه، حمل أكثر من إشارة سياسية، أبرزها أن حزب الاستقلال لا يرغب في تحمل مسؤولية الإخفاقات الحكومية التي باتت موضوع انتقاد شعبي واسع، خاصة في ما يتعلق بغلاء الأسعار وضعف التواصل مع المواطنين. فحين يعلن وزير داخل الحكومة أنه يتحدث فقط بصفته الحزبية، فذلك يعني ضمنيا أنه يسحب الغطاء السياسي عن كثير من القرارات التي لا تحظى برضا الشارع.

نزار بركة يسعى من خلال هذا الموقف إلى إعادة تموقع حزب الاستقلال داخل المشهد، بعد أن بدأ يشعر بأن التحالف الحكومي فقد بريقه وأن موجة الانتقادات قد تمتد إلى كل مكوناته. وبذلك يحاول رسم خط فاصل بين انخراطه في الحكومة وبين هويته السياسية التي يسعى إلى حمايتها استعدادا للمحطات الانتخابية المقبلة.

بركة، الذي لطالما عرف بخطابه المتزن، بدا هذه المرة أكثر جرأة في الإشارة إلى أن الأغلبية تواجه صعوبات حقيقية في تنزيل وعودها، وأن الظرفية الاقتصادية والاجتماعية المعقدة لا يمكن أن تكون مبررا لتراجع الإصلاحات. وأكد، في رسائل غير مباشرة، أن حزبه يفضل قول الحقيقة للناس على ترديد شعارات النجاح غير المقنعة.

تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال فجرت نقاشا واسعا داخل الأوساط السياسية والإعلامية، حيث رأى البعض فيها بداية تصدع داخل الأغلبية، بينما اعتبرها آخرون خطوة ذكية تهدف إلى الحفاظ على توازن الحزب بين المشاركة الحكومية والمساءلة الشعبية. فبين من يرى في كلام بركة استعدادا لمغادرة سفينة أخنوش، ومن يراه مجرد تموضع سياسي محسوب، تبقى الرسالة واضحة: حزب الاستقلال لا يريد أن يحسب بالكامل على حكومة تتراجع شعبيتها يوما بعد يوم.

المشهد السياسي اليوم يبدو مرشحا لمزيد من التوترات داخل الأغلبية، خصوصا إذا استمر قادة الأحزاب المكونة لها في التعبير العلني عن اختلافاتهم. لكن المؤكد أن نزار بركة بكلامه على دوزيم، استطاع أن يفرض نقاشا جديدا حول مستقبل الحكومة ودرجة انسجامها، بل وأن يبعث رسالة قوية مفادها أن زمن الصمت الحزبي داخل التحالف قد انتهى، وأن كل طرف أصبح يبحث عن خلاصه السياسي قبل فوات الأوان.