أطلق العالم المغربي أحمد الريسوني دعوة لما سماه "ثورة ثانية للملك والشعب" ضد الفساد والاستبداد والانحطاط الأخلاقي، في خطوة أعادت إلى الواجهة خطابه الإصلاحي الذي يمتد لعقود. جاءت هذه الدعوة عبر منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت تشهد فيه البلاد موجة احتجاجات يقودها شباب "جيل زد"، مطالبة بإصلاحات اجتماعية جذرية ومحاسبة الفاسدين. وأوضح الريسوني أن الثورة هذه المرة "ليست ضد الاستعمار كما كانت الأولى، بل ضد المفسدين".
الريسوني، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ذكر بأن "ثورة الملك والشعب" الأولى كانت في منتصف القرن الماضي بقيادة الملك محمد الخامس ضد الاستعمار، داعيا اليوم إلى ثورة جديدة في عهد الملك محمد السادس "تضع حدا لتغول الفساد الأخلاقي والإداري والمالي". وقال في هذا الصدد: "لقد بلغ المفسدون مداهم، ونحن في حاجة ماسة إلى ثورة جديدة للملك والشعب".
وطالت انتقادات العالم المغربي الحكومة الحالية التي اعتبر أنها تعيش "مأزقا منذ الانقلاب الانتخابي لعام 2021"، في إشارة إلى الهزيمة القاسية التي مني بها حزب العدالة والتنمية، حيث فقد أغلبية مقاعده البرلمانية، وسط اتهامات بشراء الأصوات. ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف قادة الحزب، وعلى رأسهم عبد الإله بن كيران، عن توجيه انتقادات حادة للحكومة وتحميلها مسؤولية تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
وفي دجنبر 2024، طالب بن كيران رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالاستقالة، بسبب ما وصفه بـ"تضارب المصالح" و"تورطه في صفقات حكومية مثيرة للجدل". حيث قال حينذاك: "بصراحة، لا أرى كيف يمكن للسيد عزيز أخنوش أن يستمر على رأس الحكومة. حان الوقت ليتنحى ويترك المغرب يتنفس لعامين مقبلين". وأعاد بن كيران في يناير الماضي دعوته نفسها، مؤكدا أن "الوقت قد حان لرحيل هذه الحكومة".
المطالبات برحيل أخنوش تزايدت خلال الأيام الأخيرة، مع تصاعد احتجاجات الشباب التي انطلقت للمطالبة بإصلاحات في قطاعي الصحة والتعليم. وتحولت المظاهرات إلى تعبير واسع عن الغضب الشعبي من الفوارق الاجتماعية وتراجع القدرة الشرائية.
في هذا المناخ المحتقن، انضم الريسوني إلى الأصوات المطالبة بالتغيير، داعيا إلى تحرك وطني واسع يعيد ثقة المغاربة في مؤسساتهم. وقال إن "الثورة الثانية للملك والشعب التي نحتاجها اليوم يجب أن تقوم على الإيمان والصدق والصرامة والنزاهة".
ويترقب المغاربة الخطاب المرتقب للملك محمد السادس، المنتظر أن يلقيه الجمعة المقبل بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان. وينظر إلى الخطاب الملكي كفرصة لتوضيح الموقف الرسمي من الاحتجاجات ومطالب الشارع، في وقت تطالب فيه حركة "GenZ212"، وهي إحدى أبرز الحركات الداعية إلى الإصلاح، بحل الحكومة والأحزاب المتورطة في الفساد، وإطلاق مرحلة جديدة تقوم على العدالة الاجتماعية وصون كرامة المواطن.