تدخل شركة "إيرباص" مرحلة جديدة من شراكتها الاستراتيجية مع المغرب، حيث أعلنت عن توسيع عملياتها الصناعية، وإطلاق مكتب تمثيلي جديد في الرباط، إلى جانب استحواذات استراتيجية تعزز حضورها الطويل الأمد في المملكة. وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية الشركة الأوروبية العملاقة لترسيخ موقع المغرب كمحور مركزي في استراتيجيتها العالمية للتنمية في قطاع الطيران.
ويعد استحواذ "إيرباص" على موقع "سبيريت إيروس ystems" في النواصر، المعلن عنه في أبريل الماضي، خطوة بارزة في هذا الاتجاه. فالمصنع المتخصص في إنتاج أجزاء حيوية مثل حواف أجنحة طائرات A220 ودعامات A321، ينضم إلى مصنعين تابعين لشركة "إيرباص أتلانتيك" في المنطقة، ليشكل معهما قطبا صناعيا متناميا يوفر أكثر من ألف وظيفة مباشرة ونحو عشرة آلاف وظيفة غير مباشرة.
كما تعمل "إيرباص هليكوبترز" على توسيع نشاطها في المغرب من خلال تطوير مركز لخدمة الزبناء، مع خطط لتحويله إلى مركز إقليمي لصيانة وإصلاح الطائرات في غرب إفريقيا، إلى جانب إنشاء مركز تدريب مزود بأجهزة محاكاة حديثة.
وتمثل خطوة افتتاح مكتب تمثيلي للشركة في الرباط تأكيدا على عمق العلاقات بين الطرفين. وقال ميكائيل برتران، ممثل "إيرباص" في المغرب: "وجودنا المؤسسي في العاصمة كان أمرا طبيعيا، فإيرباص تلعب دورا محوريا في منظومة الطيران المغربية، ومن المهم أن نكون قريبين من شركائنا."
وتتعاون "إيرباص"، التي تمثل نحو 70% من نشاط قطاع الطيران المغربي، بشكل وثيق مع مؤسسات رئيسية مثل معهد مهن الطيران (IMA)، والمعهد المتخصص لمهن الطيران واللوجستيك المطاري (ISMALA)، إضافة إلى تجمع الصناعات المغربية للطيران والفضاء (GIMAS). كما تتعامل الشركة مع أكثر من مئة مزود مغربي، ما يعكس نضج وتنافسية الصناعة المحلية.
وترى "إيرباص" في المغرب شريكا موثوقا ومستقرا منذ أكثر من سبعين عاما، بفضل اليد العاملة الماهرة والمناخ الاقتصادي الجاذب. وتأتي هذه الاستثمارات في وقت يشهد فيه قطاع الطيران المغربي نموا غير مسبوق، مع خطط لمضاعفة عدد المسافرين إلى 60 مليونا بحلول عام 2030 و95 مليونا بحلول 2035، في ظل استعداد الخطوط الملكية المغربية لاقتناء 200 طائرة جديدة وتوسعة مطار محمد الخامس بالدار البيضاء لرفع طاقته الاستيعابية إلى 35 مليون مسافر بحلول 2029.
ومع مساهمة قطاع الطيران بنحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي ونموه بنسبة 68% خلال العقد الماضي، تؤكد توسعات "إيرباص" مكانة المغرب كركيزة أساسية في عملياتها العالمية، من خلال دعم التصنيع، وتوفير فرص الشغل، ونقل المعرفة، مما يعزز دور المملكة كلاعب استراتيجي في مستقبل صناعة الطيران العالمية.