وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء دعوة مثيرة للجدل إلى سجن عمدة مدينة شيكاغو وحاكم ولاية إيلينوي، وكلاهما من الحزب الديمقراطي، في وقت تستعد فيه إدارته لنشر قوات عسكرية في شوارع ثالث أكبر مدينة أمريكية.
ولم توجه للعمدة براندون جونسون والحاكم جي بي بريتزكر أي تهم جنائية إلى حد الساعة، غير أنهما يعدان من أبرز المعارضين لسياسات ترامب المتعلقة بالهجرة ونشر قوات الحرس الوطني في المدن ذات التوجهات الديمقراطية.
وجاءت تصريحات ترامب بالتزامن مع مثول خصم سياسي آخر له، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، أمام المحكمة في قضية جنائية أثارت جدلا واسعا واعتبرت ضعيفة الأساس.
وعلى منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيل"، اتهم ترامب العمدة جونسون والحاكم بريتزكر بالتقصير في حماية عناصر وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية في شيكاغو، قائلا: "عمدة شيكاغو يجب أن يسجن لفشله في حماية عناصر ICE والحاكم بريتزكر أيضا".
وكان جونسون قد وقع قبل يومين مرسوما يعلن فيه مناطق المدينة "خالية من ICE"، ما يمنع استخدام ممتلكات بلدية في عمليات الوكالة الفدرالية، ورد على تصريحات ترامب بالقول: "ليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها ترامب استهداف رجل أسود ظلما. أنا باق ولن أذهب إلى أي مكان".
أما الحاكم بريتزكر، الذي ينظر إليه كأحد أبرز المرشحين المحتملين للرئاسة عام 2028، فاتهم ترامب بالسعي لترهيب المسؤولين المنتخبين، قائلا: "ترامب يدعو الآن إلى اعتقال ممثلين منتخبين لمجرد أنهم يحدون من سلطته. ما الخطوة التالية نحو السلطوية الكاملة؟".
وتعهد ترامب باستخدام سلطات الحكومة الفدرالية لاستهداف معارضيه، حيث يواجه كومي وعدد من منتقديه البارزين تحقيقات من وزارة العدل، رغم نفيهم جميعا ارتكاب أي مخالفات.
وفي ظل تصاعد التوتر السياسي، تمركز المئات من جنود الحرس الوطني في منشأة عسكرية خارج شيكاغو رغم اعتراض السلطات المحلية. كما لوح ترامب بتوسيع الانتشار العسكري ليشمل مدنا أخرى، معتبرا أن تلك الخطوات تمثل "تدريبات ميدانية" للقوات المسلحة. وقد أظهر استطلاع أجرته وكالة "رويترز/إبسوس" أن غالبية الأمريكيين يعارضون نشر القوات في المدن في غياب تهديد خارجي مباشر.
وكتب ترامب على منصته قائلا: "هدفي بسيط جدا: إيقاف الجريمة في أمريكا"، رغم أن البيانات تظهر تراجع معدلات الجريمة في العديد من المدن منذ ذروة فترة الجائحة، وأن القوات المنتشرة تتركز مهمتها في حماية المنشآت الفدرالية لا مكافحة الجرائم في الشوارع.
ورغم الطابع السلمي النسبي للاحتجاجات ضد سياسات ترامب في شيكاغو وبورتلاند، تصف إدارة ترامب الوضع بأنه "إرهاب داخلي"، وهو ما رفضه الحاكم بريتزكر بشدة، متهما الرئيس بالسعي لافتعال العنف لتبرير مزيد من العسكرة في المدن الأمريكية الكبرى.
ورغم رفع دعاوى قضائية لوقف الانتشار، سمح قاض فدرالي مؤقتا بنشر القوات في شيكاغو، بينما جمد القرار في بورتلاند. ورد ترامب بالتهديد باستخدام قانون مكافحة التمرد لتجاوز أي قرارات قضائية، وهو القانون ذاته الذي طبق آخر مرة خلال اضطرابات لوس أنجلوس عام 1992.