الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

بنسعيد: الحكومة تراهن على تنظيم ذاتي متطور للصحافة يعيد الثقة بين الإعلام والمواطن


أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل مهدي بنسعيد اليوم الاثنين خلال كلمته في اليوم الدراسي المنعقد بمجلس المستشارين حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، أن هذا اللقاء يشكل لحظة ديمقراطية بامتياز، تجسد الدور الدستوري للمؤسسة التشريعية في مناقشة القوانين الأساسية بتشاركية ومسؤولية، وبمساهمة مختلف الفاعلين المعنيين، من أجل بلورة تصورات تسهم في تطوير الإطار القانوني المنظم للمهنة.

وأوضح الوزير أن التجربة السابقة للمجلس الوطني للصحافة، رغم ما حققته من مكاسب، أظهرت بعض النواقص القانونية والعملية التي استوجبت إعادة النظر في النص المنظم له منذ سنة 2021، مشيرا إلى أن الحكومة اشتغلت على مشروع قانون جديد صادق عليه مجلس النواب، وهو اليوم معروض أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس المستشارين.

وشدد بنسعيد على أن تنظيم قطاع الصحافة والإعلام يمثل إحدى الركائز الأساسية لأي مجتمع ديمقراطي حديث، وأن التحدي اليوم يكمن في تحقيق التوازن بين صون حرية الصحافة وترسيخ مبدأ التنظيم الذاتي للمهنة. وأبرز أن الهدف من المشروع الجديد هو تعزيز الثقة بين المواطن ووسائل الإعلام، من خلال مجلس وطني مستقل يكون الضامن لاحترام أخلاقيات المهنة ومحاربة الأخبار الزائفة والمحتويات غير المسؤولة التي تهدد التماسك المجتمعي.

وأضاف الوزير أن النص الجديد يمنح المجلس صلاحيات أكثر وضوحا وفعالية لتمكينه من الاضطلاع بدوره كاملا في تأطير المهنة، وضمان الشفافية في منح البطاقة المهنية، ومعالجة الشكايات، وتوفير بيئة مهنية سليمة للصحافيين. وأكد أن المشروع يأخذ بعين الاعتبار التحولات الرقمية التي يعرفها المجال الإعلامي، حيث لم تعد الصحافة مقتصرة على المنابر التقليدية، بل أصبحت الفضاءات الرقمية ساحة رئيسية للنقاش والتأثير، الأمر الذي يفرض مواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي وضمان استدامة المقاولات الإعلامية الرقمية وجودة المحتوى الذي تنتجه.

وأشار بنسعيد إلى أن النموذج الاقتصادي للمقاولة الصحفية هو بدوره في قلب النقاش، داعيا إلى جعل التنظيم الذاتي جسرا لدعم الصحافة الجادة والمهنية، وحمايتها من المنافسة غير المشروعة، مؤكدا أن تقوية المجلس الوطني هي في الواقع تقوية للنموذج الاقتصادي للصحافة المغربية. كما شدد على أهمية تأهيل الصحفيين عبر تكوين مستمر بالتعاون مع الجامعات والمعاهد المتخصصة، لضمان كفاءتهم ومواكبتهم للتطورات التقنية والمهنية.

وأوضح الوزير أن فلسفة التنظيم الذاتي تنطلق من مبدأ أساسي هو أن الصحافيين هم الأقدر على تدبير شؤون مهنتهم باستقلالية تامة، دون تدخل من الحكومة، مذكرا بأن الفصل 28 من الدستور نص بوضوح على هذا المبدأ. وأبرز أن اللجنة المؤقتة هي التي قادت المشاورات وقدمت تصورا متكاملا حول إصلاح القطاع، بينما قامت الحكومة بصياغة المشروع القانوني بناء على مقترحات المهنيين، في احترام تام لروح التنظيم الذاتي.

وأكد أن هذه المقاربة تختلف عن التجارب الحكومية السابقة، إذ تعد المرة الأولى التي يعتمد فيها تصور تشاركي نابع من داخل المهنة نفسها، مشيرا إلى أن النص الجديد أجاب عن سؤال جوهري يتمثل في تحديد الدور الحقيقي للمجلس الوطني للصحافة.

وأوضح بنسعيد أن التحديات التي يواجهها الإعلام الوطني مع اقتراب أفق 2030، تفرض تطوير المشهد الإعلامي والدفاع عن القضايا المجتمعية بآليات أكثر نجاعة، معتبرا أن المجلس الوطني، بصيغته الجديدة، سيكون قادرا على ضمان سيادة إعلامية وطنية قوية ومهنية. واعتبر أن المشروع يكرس فلسفة التنظيم الذاتي التي تقوم على الحرية والمسؤولية، ويرتقي بمهنة الصحافة إلى مستوى المعايير الدولية.

وختم الوزير كلمته بالتأكيد على أن هذا اللقاء يشكل فرصة ثمينة لتعميق النقاش وتقديم آراء نقدية وبناءة من مختلف الأطراف، مشددا على أن الحكومة تعتبر نفسها مجرد وسيلة لتوفير الإطار القانوني المناسب للتنظيم الذاتي، وأنها تظل منفتحة على كل المقترحات والأفكار.