الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

تصريحات بولس تعيد الزخم للموقف الأمريكي من الصحراء المغربية: نحو افتتاح قنصلية أمريكية في الداخلة؟


في خضم الحركية الدبلوماسية المتسارعة التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، برزت من واشنطن تصريحات جديدة لافتة من مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، أعادت الزخم إلى الموقف الأمريكي الداعم لوحدة المغرب الترابية.

ففي حوار مع قناة “الشرق”، أكد بولس أن “هذه الصحراء هي صحراء مغربية”، مشددا على أن “الوقت حان لإيجاد حل إيجابي ودائم لهذا النزاع”، في إشارة واضحة إلى استمرار الموقف الأمريكي الثابت منذ اعتراف الرئيس دونالد ترامب بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية سنة 2020.

تصريحات بولس جاءت في لحظة سياسية دقيقة تسبق جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة لتجديد ولاية بعثة “المينورسو”، ما يمنحها دلالات قوية تتجاوز التصريحات البروتوكولية إلى تأكيد عملي على دعم واشنطن للمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد الواقعي والعملي للنزاع المفتعل.

كما أن إشارته إلى احتمال افتتاح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة خلال الولاية الثانية للرئيس ترامب تعد مؤشرا واضحا على استعداد الولايات المتحدة للانتقال من الموقف السياسي إلى الفعل الميداني، بما يعزز الحضور الأمريكي في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

هذا التوجه يعكس قناعة راسخة في دوائر القرار الأمريكي بأن استقرار شمال إفريقيا والساحل لن يتحقق إلا عبر تسوية نهائية مبنية على الواقعية، وأن المغرب يظل الفاعل الأكثر موثوقية في المنطقة. فافتتاح قنصلية أمريكية في الداخلة لا يمثل فقط خطوة دبلوماسية رمزية، بل يحمل أبعادا اقتصادية واستراتيجية، حيث ستصبح المدينة بوابة جديدة للاستثمارات الأمريكية نحو إفريقيا، ومركزا محوريا للتعاون في مجالات الطاقة واللوجستيك والصيد البحري.

وتكتسي هذه التصريحات بعدا رمزيا إضافيا بتزامنها مع الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء، الحدث الذي رسخ في الوجدان المغربي أن الصحراء ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية كرامة وهوية ووحدة وطنية. واليوم، وبعد نصف قرن على تلك المسيرة التاريخية، يأتي الصوت الأمريكي ليعكس مجددا أن منطق التاريخ والشرعية والسياسة يميل جميعه لصالح المغرب، وأن الاعتراف بسيادته لم يعد موضع نقاش بل أصبح حقيقة دولية تترسخ يوما بعد يوم.

إن الموقف الأمريكي الأخير ليس معزولا، بل يندرج ضمن سياق أوسع من التحولات في المواقف الدولية، حيث تتزايد الدول الداعمة للمبادرة المغربية وتفتتح تمثيليات دبلوماسية في مدينتي العيون والداخلة. أما واشنطن، فهي تدرك تماما أن الحفاظ على تحالفها الاستراتيجي مع المغرب يمر عبر دعم وحدته الترابية، لما لذلك من تأثير مباشر على الأمن الإقليمي ومصالحها في القارة الإفريقية.

وبين خطاب بولس في واشنطن والاحتفال المغربي بالمسيرة الخضراء، تتقاطع الرسائل السياسية والدبلوماسية لتؤكد أن زمن الغموض في المواقف قد انتهى، وأن الصحراء المغربية أصبحت واقعا لا يمكن تجاوزه. فالمغرب اليوم لا يدافع عن حدود، بل عن استقرار إقليمي ورؤية تنموية تمتد من طنجة إلى الكويرة، فيما تواصل واشنطن تثبيت شراكتها مع الرباط كحليف استراتيجي موثوق في محيط مضطرب.

هكذا، تتجه الأنظار إلى المرحلة المقبلة التي قد تشهد افتتاح القنصلية الأمريكية في الداخلة، كخطوة عملية جديدة تعزز الاعتراف الأمريكي وتكرس مغربية الصحراء على أرض الواقع. وبين المسيرة التي وحدت الأرض والدبلوماسية التي توحد المواقف، يتأكد أن الصحراء المغربية لم تعد مجرد ملف سياسي، بل أصبحت عنوانا للشرعية والواقعية والانتصار الدبلوماسي المستمر.