الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

نفق أوروبا إفريقيا يقترب من الواقع: دراسة جديدة تؤكد إمكانية تنفيذ نفق يربط المغرب بإسبانيا تحت مضيق جبل طارق


أصبح مشروع النفق الذي سيربط بين أوروبا وإفريقيا عبر مضيق جبل طارق أقرب إلى الواقع بعد أن خلصت دراسة بتكليف من الحكومة الإسبانية إلى أن إنشاء ممر تحت الأرض بين إسبانيا والمغرب "قابل للتنفيذ من الناحية التقنية".

وكانت شركة "هيرينكنيشت" الألمانية المتخصصة في حفر الأنفاق قد حصلت في وقت سابق من هذا العام على عقد بقيمة 300 ألف يورو لدراسة مدى واقعية المشروع الطموح الذي يهدف إلى إنشاء خط سكك حديدية دائم بين البلدين. وبعد أكثر من تسعة أشهر من البحث، أكدت الشركة أن التكنولوجيا الهندسية الحالية تجعل المشروع ممكناً، ما يمثل دفعة قوية لمبادرة طال الحديث عنها منذ عقود.

وتطرقت الدراسة إلى منطقة "كامارينال سيل"، وهي ممر بحري ضحل ومعقد يقع تحت مضيق جبل طارق ويمثل تحديا كبيرا للمهندسين. وإذا تم تنفيذ المشروع، فإن النفق سيصل إلى عمق 465 مترا تحت قاع البحر، رابطا بين مدينة طريفة الإسبانية وطنجة في شمال المغرب، على امتداد 65 كيلومترا، منها 40 كيلومترا داخل الأراضي الإسبانية.

وسيربط الخط شبكة القطارات فائقة السرعة المغربية بنظيرتها الإسبانية عبر وصلة جديدة إلى خط إشبيلية – قادس، ما سيسمح بنقل الركاب والبضائع، وربما الطاقة والألياف البصرية أيضا.

لكن المشروع سيتطلب تكلفة ضخمة قد تتجاوز عشرة مليارات يورو، حتى في حال مساهمة الاتحاد الأوروبي عبر آلية "الجيل القادم" البالغة 750 مليار يورو. وتشير التقديرات إلى أن الجزء الإسباني وحده قد يكلف بين 8 و9 مليارات يورو.

ولم يحدد بعد موعد بدء البناء، رغم أن المهندسين وضعوا جدولا أوليا للمراحل المقبلة. وستبدأ المرحلة الأولى بحفر ممر استكشافي لتقييم إمكانية إنشاء نفق كامل وآمن للركاب والبضائع. ومن المتوقع أن تتخذ إسبانيا والمغرب قرارا نهائيا بشأن المناقصة الخاصة بالنفق التجريبي في عام 2027، مع احتمال أن يستغرق التنفيذ ما يصل إلى عقد من الزمن.

وسينفذ النفق الرئيسي بتصميم مزدوج الأنابيب. وتعود فكرة الربط الدائم بين القارتين عبر المضيق إلى القرن التاسع عشر، لكن الخطط الحديثة انطلقت عام 1979 بعد توقيع اتفاق تعاون بين إسبانيا والمغرب لدراسة المشروع. وفي عام 2023، وقع البلدان خطة عمل مشتركة لثلاث سنوات تهدف إلى تحديث دراسات الجدوى السابقة، ورسم خرائط جديدة لقاع البحر، ومراقبة النشاط الزلزالي في المنطقة.

وطلبت وزارة النقل الإسبانية من شركة "إينيكو" العامة للاستشارات إعداد نموذج تمويلي مستدام للمشروع، يدرس إمكانية تطبيق نظام الامتيازات كما هو الحال في نفق "يوروتانل" الرابط بين بريطانيا وفرنسا، إضافة إلى مصادر دخل أخرى مثل رسوم السكك الحديدية وتركيب الألياف البصرية.